للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إبراهيم السَّلماني، نزيلُ المدينة، أقام بها مدَّةً يشتغلُ بالعلم، وبه تخرَّجَ الكَازَرُوني، يعني: صفيَّ الدِّين (١)، وأخوه الفقيه عبد السلام، وكانت له كتبٌ نفيسة وقفَها بالمسجدِ النَّبويِّ، ذكره ابنُ فرحون (٢)، وماتَ سنة خمسٍ وخمسين وسبع مئة.

قلتُ: وقد عرضَ عليه العزُّ عبدُ السَّلامِ بنُ محمَّدٍ الكَازَرُوني المشارُ إليه في السَّنة قبلَها، وصنَّف في "الرِّقَائق والمواعظِ" جزءًا، وهو ممَّن أخذَ عن الشَّرفِ هبةِ الله ابنِ البارِزِي (٣)، وحدَّثَ عنه في المدينةِ بشيءٍ من كتابِه "الدِّراية في اختصار الرعاية"، بقراءةِ ابن سُكَّر (٤)، ووُصِفَ بالطبقة: بالإمامِ العالمِ العاملِ، العلَّامةِ القُدوةِ الصَّالح، العابدِ الزَّاهدِ الوَرعِ، السَّالكِ النَّاسك. بل وصفَه الصَّفيُّ الكَازَرُونيُّ بشيخِنا الإمامِ العالمِ العلَّامةِ، عُمدةِ النُّساكِ، وقُدوة السُّلَّاك، إمامِ المحققين. وقال ابنُ فرحونٍ (٥): إنَّه كان من المشايخِ العلماءِ الورعين، المتنسِّكين المبرِّزين في الخير، أقامَ بالمدينة على أحسنِ طريقة، لا يُشبهُه أحدٌ في العزلةِ والانقطاعِ عن النَّاسِ، عارف بزمانِه، حافظٌ للسانِه، مُقبلٌ على شأنِه، مُتحرِّز من إخوانِه، ملازمٌ لأواخرِ المسجدِ يشغلُ في مذهبِه طولَ نهارِه، لا يدخلُ بيتَه إلا وقتَ الوضوء، ولا يأتيه أحدٌ إلا مَن يتبرَّكُ به ويرتجيه، انتفعَ به الطَّلبة، وتخرَّج عليه جماعة، فظهروا نُجباءَ علماء، اخترمَتْهم المنيَّةُ شبابًا،


(١) أحمد بن محمَّد بن روزبة بن محمود، الصفي، سأتي ترجمته.
(٢) في "نصيحة المشاور" ١٧٠.
(٣) هبةُ اللهِ بنُ عبدِ الرَّحيم، شرفُ الدِّين، أبو القاسم ابنُ البارزي، ت: ٧٣٨ هـ، صاحب التصانيف الكثيرة في الفقه والتفسير والحديث، وغير ذلك. "الدرر الكامنة" ٤/ ٤٠١، و "طبقات الشافعية" ٦/ ٢٤٨.
(٤) محمَّد بن علي بن محمَّد، ابن سُكَّر، شمس الدين، توفي سنة ٨٠١ هـ. "إنباء الغمر" ٤/ ٨٧.
(٥) "نصيحة المشاور" ص ١٧١، ١٧٠.