منهم: ابنا أحمد الشويكيِّ، وكانت أمُّهما -وهي صالحةُ- زوجًا له، ومنهم الصَّفيُّ ابنُ الشَّيخِ محمَّدٍ الكازروني، وكذا انتفعَ به أيضًا أخوه الفقيه عبدُ السَّلام، أخو الصَّفيِّ المذكور، وعبدُ القادر الحجَّار، وغيرُهم. وكانت له نيَّة صالحةٌ ينتفعُ بها من يشتغلُ عليه، ويحسن ظنَّه فيه، وكان مع هذه العزلةِ العظيمةِ، والانفرادِ عن الخليقة، يُؤذَى بأنواعٍ من الكلام، تصديقًا للقائل:
ومَنْ ذَا الذي يَنجُو من النَّاسِ سَالمًا … وللناسِ قِيْلٌ بالظنونِ وَقَالُ
فكانوا يرون أنَّه يقول بالجهة، ويُشِيعون عنه ذلك، ولم أسمعْ منه ما يدلُّ على ذلك، وكان الصَّفيُّ الكَازَرُوني ممن لا يُخفِي عَلَيّ حاله، وهو كان يُثني عليه كثيرًا، ويُنكر أن يكونَ له اعتقادٌ يخالف إمامَه الشافعيَّ، وكان إذا بلغَه ما يُقالُ عنه لا يُعاتِبُ قائلَه، بل ولا يتكلَّمُ في عِرضه بشيء، وكأنَّ لسانَ حاله يُنشد:
دعَ النَّاسَ ما شاءوا يقولوا لأنِّي … لأكثر ما يُحْكَى عَليَّ حَمُولُ
فما كُلُّ من أغضبتُه أنا مُعتِبٌ … ولا كلُّ ما يُروَى عَلَيّ أقولُ
وكانت له كتبٌ جليلةٌ في الفقهِ والأصولِ، والحديثِ واللُّغةِ وغيرها، وقفَ بعضها بالمدرسة الشِّهابية من المدينة، وأكثرَها بمكَّة، وأعتقَ عبدًا وربَّاه وأحسن إليه.
وقال المجدُ اللُّغويُّ (١): العالمُ النَّاسك، الزَّاهدُ السَّالك، عارفُ زمانِه، وفارسُ مَيدانه، وحافظُ لسانه، والمقبلُ على شانِه، سلكَ في الانقطاعِ مَسلكًا حسنًا، وملكَ بترك الاجتماعِ مُلكًا حسنًا، لا يخالطُ النَّاسَ إلا لشُغلِهم بالعلمِ الشَّريف، لعلمِه