للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وغير ذلك مئة وعشرون ألف دينارٍ، فأزيدَ فيما قيل.

وسدَّ الطاقَ الذي كان بينَ الحُجرةِ الشَّريفةِ والجدارِ القبليِّ، وينشأ عنه مفاسدُ شاهدتُ بعضَها أول حَجَّاتي، ورتَبَ لمن كانَ يتولَّى فتحَه في الموسمِ ونحوِها على الذَّخيرة خمسة عشر دينارًا، حتَّى تشكَّى.

وكذا أبطلَ كثيرًا مِن المُكوس (١) التي كانت لأمراءِ المدينةِ ونحوِهم، وعوَّضَهُم عنها.

بل حجَّ في طائفةٍ قليلةٍ سنةَ أربعٍ وثمانين، تأسيًا بمَنْ قبلَه مِن الملوكِ، كالظَّاهرِ بيبرس، والنَّاصرِ محمَّد بنِ قلاوونَ، وتكرَّر لثانيهما، وذلكَ سنةَ عشرٍ، ثمَّ سنةَ عشرين، ثمَّ سنةَ اثنتين وثلاثين، كلُّها من القرنِ الثَّامن.

وبدأ بالزِّيارةِ النَّبويَّةِ، وكانَ قدومُه لها فجرَ يومِ الجُمعةِ ثاني عشري ذي القَعدةِ منها على هيئةِ الهيبةِ والخضوعِ، بحيث ترجَّلَ عندَ بابِ سورِها عن فرسِه، ومشى على قدميه، وامتنعَ مِن دخولِ الحُجرةِ الشَّريفةِ تأدُّبًا، ثمَّ صلَّى الصُّبحَ بالرَّوضةِ عندَ أسطوانةِ المهاجرينَ، خلفَ الإمام، ثمَّ برزَ ماشيًا حتَّى خرجَ مِن بابِ المدينةِ، وسلكَ ذلكَ مدَّةِ إقامتِه بها، وزارَ المشاهدَ، كحمزةَ، وقباءَ، وفرَّقَ ما نَيَّفَ على ستةِ آلافِ دينارٍ، وسافرَ لمكَّةَ في رابعِ عشريه، ولم يسبقْهُ بمجموعِ ما عملَه بالمدينةِ النَّبويَّة فيما علمناه [أحد]، حتَّى إنَّه بلغَني أنَّه قيلَ له: أمَا تتركُ لمن بعدَك شيئًا يُذكَرُ به؟


(١) المُكُوس جمع المْكْس، وهو الضَّريبةُ التي يأْخذها الماكِسُ. "لسان العرب": مكس.