للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ربَّاه الملوكُ، وربَّى الملوكَ، وسلكَ في المشيخةِ أحسنَ سلوكٍ، أخرجَ لطِيبِه طيِّبَ محاسنِ الشِّيَمِ مِن عَيْبَتِه (١)، وأرعبَ قلوبَ الأشرافِ والوُلاة بصلابتِهِ وهيبَتِهِ، ذو كرمٍ يُلقِحُ آمالَ الرجالِ بلواقحِ رياحهِ، ويملأ أطرافَ الحرمِ بشوامخِ صياحِهِ.

كانَ إذا سمع هَدَّة أو صوتًا مُزعجًا مِن انكسارِ قنديل، أو انحسار طربيلٍ (٢)، قابلَه بصيحةٍ أخفت جَرْسَهُ، وأعدمتْ حِسَّه، وسكَّنت رَجَّتَهُ، وضيَّقت بزعزعتِهِ نَحْبَهُ.

ومن غريبِ ما يُذكر عنه أنَّه عَطَسَ مرَّة مِن المرِار، فوقعَ لهيبتِه المؤذِّنُ مِن أعلى المنارةِ.

وله في الحَرمِ الشَّريف آثارٌ حسنةٌ، ربطَ بها في سِجلِّ السَّعادة رَسَنَهُ، ومِن أظهرِها وأشهرِها، وأعلاها وأفخرِها؛ بناءُ المنارةِ التي أنشأها ببابِ السَّلامِ، وشهدَ بحسنِها ولياقتِها لسانُ الإجماعِ على رؤوسِ الأعلامِ … في تسجيعٍ طويلٍ.

ومنها، تعطيلُ الطَّواف (٣) بالسَّعفِ والجريدِ اليابس، وتبديلُها بالشموعِ المغروزةِ في الفوانيسِ … في كلامٍ طويلٍ، إلى أنْ قال: وكانَ رحمَهُ الله مِن أحسنِ الخُدَّامِ منظرًا وقَدًّا، وأسمحِهم وَجْهًا، وأجملِهم صورةً وشَكلًا، وأعظمِهم صوتًا وأُكْلًا.


(١) العَيْبَة: وعاء من جلد. "القاموس": عيب.
(٢) طربيل: حديدة المحراث التي يدق بها ما يحصد. "المعجم الوسيط" ٢/ ٥٥٣، ٩٦٢.
(٣) في الأصل: الطوف، وهو تحريف، والتصويب من: "المغانم المطابة".