للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كلِّه حتَّى ماتَ. نعمْ، صُرفَ عن المدارسِ قبيلَ وفاتِه، ولكنْ لم يصلِ الخبرُ به إلا بعدَ موتِه، ممَّا كانَ عَظُمَ بسببِه منعُه الزَّكيَّ الخروبي مِن تحصيبِ المسجدِ الحرامِ، وقولِه له: إنَّه لا يكونُ إلا مِن مالِ صاحبِ مصرَ، إلى غيرِه مِن معارضاتِه له.

وكان أوَّلُ ما سُعي له في خطابةِ مكَّةَ كُتبَ له محضرٌ؛ ليقفَ عليه أربابُ الحَلِّ والعقد، فيعرفون به أهليته، كتبَ فيه شمسُ الدِّين (١) ابنُ النقيب، والإسنويُّ، والبهاءُ السُّبكيُّ، وهو المحرِّكُ لهذا، بحيثُ كانَ سببًا لدخولِه في الوظائفِ كلِّها.

وحدَّثَ بكثيرٍ مِن مسموعاتِه.

روى عنه: الجمالُ ابنُ ظهيرةَ، وبه تفقَّه، وكانَ يُطريه ويُثني عليه، وكذا درَّسَ وأفتى، وناظرَ، وانتفعَ النَّاسُ به دهرًا، وكانَ ذا يدٍ طولى في فنونٍ مِن العلمِ مع الذَّكاءِ المُفرطِ والفصاحةِ، والإجادةِ في التَّدريسِ والإفتاءِ والخطبة، ووفورِ العقلِ، والجلالةِ عندَ الخاصَّةِ والعامَّةِ، معَ كثرةِ التَّواضعِ معَ الفقراءِ والصَّالحين، وإكرامِهم، حتَّى عادت بركةُ ذلكَ كلِّه عليه، وعلى أولاده، وكثرةِ المروءةِ، والمكارمِ، والبِرِّ بأهلِه وأقاربِه، وزارَ الطَّائفَ والمدينةَ غيرَ مرَّةٍ، وكانَ يقومُ بكثيرٍ مِن الكُلفِ عن رفقائه، واَخرُ قدماتِه المدينةَ في موسمِ سنةِ ثمانين، فجاورَ بها إلى أثناءِ التي تليها، وخطبَ في بعضِ هذه الأيامِ بها، وأمَّ النَّاسَ نيابةً عن ولدِه القاضي محبِّ الدِّين قاضيها وخطيبِها وإمامِها حينئذٍ.


(١) في الأصل: الشهاب، والتصحيح من "الدرر الكامنة" ٣/ ٣٢٦، و "شذرات الذهب" ٦/ ٢٩٢.