للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليه أكثرَ تآليفِه في الفقه، وأخذَ عن أبي العبَّاسِ القصَّارِ (١) عدَّةَ كتبٍ في النَّحوِ، وعن غيرِه النَّحوَ أيضًا، وقدمَ القاهرةَ، فأخذَ عن القاضي وليِّ الدِّينِ ابنِ خَلدونٍ الأصلينِ، والمنطقَ، وعلومَ الحسابِ والهندسة، في آخرين.

ثمَّ حجَّ سنةَ ثمانِ مئةٍ، وزارَ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، وعادَ إلى مصرَ، ثمَّ رجعَ إليها قبيلَ رمضانَ، سنةَ إحدى، فجاورَ، وحجَّ فيها، وسارَ إلى المدينةِ، وتوجَّهَ منها إلى مصرَ بعدَ الحاجِّ بمدَّةٍ، في سنةِ اثنتينِ، ثمَّ رجع إلى مكَّةَ، فحجَّ، ومضى إلى المدينةِ أيضًا، فاستوطنَها، وصارَ يتردَّدُ إلى مكَّةَ في كثيرٍ مِن السِّنين، ثمَّ قدِمَها بأهلِه في سنةِ خمسَ عشرةَ، فجاورَ بها نحوَ أربعةِ أشهرٍ قبلَ الموسم، وقَبِلَ فيها ما يقبلُه الحجازيون مِن القُنوعِ (٢) لضيقِ حالِه، ومضى بعدَ الحجِّ إلى المدينةِ، وتركَ أهلَه، وصارَ يتردَّدُ مِن المدينةِ إليها مما يعرضُ له مِن الجوعِ، إلى أنْ أدركَه الأجلُ بمكَّةَ، وكانَ له بالعلمِ أتمُّ عنايةٍ، وبرعَ في فنونٍ منها: التَّفسيرُ، والأصلانِ، والمنطقُ، والعربيةُ، والفرائضُ، والحسابُ، والجبر والمقابلة.

وأمَّا الفقهُ فمعرفتُه دونَها فيها، وكانَ إذا رأى شيئًا وعاهُ وقرَّره، وإنْ لم تكنْ له به عنايةٌ لشدَّةِ ذكائِه، وسرعةِ فهمِه، وله تأليفٌ على "قواعدِ العزِّ ابنِ عبدِ السَّلامِ"، ذكرَ أنَّه زادَ عليه فيما أصَّله فوائدَ كثيرة، وزادَ (٣) عليه كثيرًا ممَّا قاله، وكذا له أسئلةٌ عشرون في


(١) أحمدُ بنُ محمَّدِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ التونسيُّ، الشَّهيرُ بابن القصار، فقيهٌ، أصوليٌّ، توفي بعد سنة ٧٩٠ هـ "توشيح الديباج" ص ٧٥، و"المجمع المؤسس" ٣/ ٢٦٤.
(٢) القُنوع، بالضم: السؤال والتذلل، والرضى بالقِسْم. "القاموس المحيط": قنع.
(٣) في الأصل: وردَّ، والتصحيح من "الضوء اللامع" ٧/ ٤.