للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقُرئ توقيعُه بالمسجدِ الحرامِ في أوائلِ ذي الحجَّةِ منها بحضرةِ أميرِ الحاجِّ المصريِّ كزل العجميِّ (١) وغيرِه، مِن أعيانِ الحجَّاجِ والمكيِّينَ، ثمَّ في سنةِ أربعَ عشرةَ درَّسَ المالكيةَ بالمدرسةِ البنغالية بمكَّةَ، ثمَّ صُرفَ عنها، ثمَّ عن القضاءِ غيرَ مرَّةٍ، آخرُها بالكمالِ أبي البركات محمَّدِ بنِ محمَّدِ ابنِ الزَّينِ القسطلانيِّ، المكيِّ (٢) في أواخرِ سنةِ ثمان وعشرين، لما ذُكرَ عنه مِن العمى، فإنَّه كانَ في الأصلِ أعشى، ثمَّ ضعُفَ نظرُه جِدًّا، فقدِمَ القاهرةَ في أوائلِ التي تليها، فأفتاه فضلاءُ مذهبِه بمقتضى مذهبِهم في كونِ العَمى لا يقدحُ إذا طرأَ على القاضي المتأهِّلِ، بل أفتى آخرون منهم بأنَّه لا يمنعُ ابتداءً فضلًا عن طُرُوِّه.

واستنابَه قاضيها البساطيُّ، وحكمَ بالصَّالحيةِ منها، ثمَّ أُنهي أمرُه إلى السُّلطانِ، ووُصفَ بما يستحقُّه، فأُعيدَ، ورجعَ إلى مكَّةَ، فلم يلبثْ أنْ سعى عليه المذكورُ، حتَّى عُزلَ ثانيًا في أوائلِ سنةَ ثلاثين، فامتنعَ محبُّوه مِن السَّعي له، بل استمرَّ معزولًا حتَّى ماتَ.

وكانَ رحمَه [الله] قد اعتفى بأخبارِ مكَّةَ، فأحيا معالمَها، وأوضحَ مجاهلَها، وجدَّدَ مآثرَها، وترجمَ أعيانَها، وكتبَ لها تاريخًا على نَمَطِ "تاريخ الأزرقيِّ"،


(١) كُزلُ العجميُّ، الظاهريُّ، أمير الحجِّ المصريِّ، توفي ٨٤٩ هـ. "العقد الثمين" ١/ ٣٣٨، و"الضوء اللامع" ٦/ ٢٢٨.
(٢) كمال الدين، محمَّدُ بنُ محمَّدٍ، القسطلانيُّ، المكيُّ، وعُرفَ بابنِ الزَّينِ، فقيه مالكيٌّ، تولى القضاء، ولد سنة ٨٠١ هـ، وتوفي سنة ٨٦٤ هـ. "الضوء اللامع" ٩/ ٤.