للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والله في العلمِ أكبرُ منكِ في الرَّميِ.

ومناقبُه لا تنحصرُ، أفردها خلقٌ مِن الأئمَّةِ خَلَفًا عن سَلَفٍ اجتمعَ لي منهم نحو الأربعين؛ فكان آخرَهم شيخُنا، وكتبتُ كرَّاسةً مِن كلماتِهِ ومواعظِهِ، وحِكَمِه وشِعْرِهِ، وثبتَ عنه قوله: رأيتُ عليَّ بنَ أبي طالبٍ في النَّومِ، فسَلَّمَ عَلَيَّ وصافحَنِي، وخَلَعَ خاتَمَهُ، فجعله في إصبِعي، ففسَّرها لي عَمِّي؛ فقالَ: أمَّا مصافحتُكَ لعليٍّ، فأمانٌ مِن العذابِ، وأمَّا خَلْعُ خاتَمِهِ، وجعلُهُ في إصبِعك، فسيبلغُ اسمُك ما بَلَغَ اسمُ عليٍّ. وعن ابنِ عبدِ الحكم: إنَّ أمَّهُ لما حملتْهُ رأت كأنَّ المشتري (١) خارجٌ مِن فرجِها، حتى انقضَّ بمصرَ، ثُمَّ وقعَ في كل بَلَدٍ منه شَظِيَّةٌ؛ فتأوَّلَهُ أصحابُ الرُّؤيا أنَّهُ يخرُجُ عالمٌ يخصُّ علمُهُ أهلَ مصرَ، ثُمَّ يَتَفَرقُ في سائرِ البلدانِ. انتهى.

وهو المشارُ إليه بقولِه -صلى الله عليه وسلم- (٢): "اللهُمَّ اهدِ قريشًا، فإنَّ عالمَها يملأُ طباقَ الأرضِ علمًا"، وبه صرَّحَ أبو نعيمٍ عبدُ الملكِ بنُ مُحَمَّدٍ، حيثُ قَالَ: فيه علامةٌ بيِّنَةٌ (٣) للميزان، المرادُ به رجلٌ مِن علماءِ هذهِ الأمةِ من قريشٍ، قد ظهرَ علمُهُ، وانتشرَ في البلاد، وهذه صفةٌ لا نعلمُها قد أحاطتْ إلا بالشافعيِّ، إذ كانَ


(١) في الأصل: الشعرى، والتصويب من "تهذيب الكمال" ٢٤/ ٣٦١.
(٢) أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" ٤/ ٣٤ (١٣٠٥)، والطيالسي في "مسنده" ١/ ٣١٨ (٣٠٣)، وفي سنده النضر بن حميد، ضعيف. "الضعفاء الكبير" ٤/ ٢٨٩.
(٣) في المخطوطة: شبه، والتصويب من: "تهذيب التهذيب".