للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حضورِها بعدَ صلاةِ الصبحِ لأجله، والظاهر جقمق في إسماع "البخاري" مضافًا لمشيخة التصوُّفَ بالزِّماميةِ، وأخذَ عنهُ الأكابرُ من أهلِها والوافدين من سائرِ الآفاقَ عليها.

وكنتُ مِمَّنْ أخذَ عنه الكثيرَ، وبالغ في الإكرام والاحترام، حتى إنَّه التمسَ منِّي -حسبما كتبه بِخَطِّهِ- الإجازةَ لوَلَدِهِ، وكان يسلُكُ في تحديثِهِ التحرِّيَ والتشدُّدَ، ويصلي على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ويترضى عن الصحابةِ كلما ذُكِروا، ويفتتحُ المجلسَ بالفاتحةِ، وبسورةِ الإخلاصِ ثلاثًا (١)، ويهديها لمشايخِهِ، كلُّ ذلك مع الثِّقَةِ والأمانةِ، والصِّدْقِ والعبادَةِ، وكثرَةِ التلاوَةِ والزهدِ والورعِ، والتَّواضع والهضمِ لنفسه، وطرحِ التكلُّفِ في مسكَنِهِ، ومطعَمِهِ وملبَسِهِ، والتقنُّعِ باليسيرِ، والاقتصادِ، وحُسْنِ التأنِّي، والانجماعِ عن الناس، والإقبالِ على ما يُهِمُّهُ، وقِلَّةِ الكلامِ فيما لا يعنيهِ، وشِدَّةِ التَّحرِي في الطهارة، والغَضَبِ لله، وعَدَمِ الخوف في الله من لومةِ لائمٍ، والهيبةِ والوقارِ، وسلوكِ الأدبِ وتسكينِ الأطرافِ، ونور الشيبة، وحسنِ الاعتقادِ في المنسوبينَ للصلاحِ، سالكًا طريقَ شيخِهِ في تحسينِ الظنِّ بابن عربيٍّ مع صِحَّةِ عقيدتِهِ (٢)، وربما عِيبَ بذلك، بحيث سمعتُ من شيخِنا إنكارَه عليه بسبَبِهِ، وعدمَ ارتضائِهِ لاختصاره "الفتحَ".


(١) القراءة بها تارة لا ضير فيها، وأما التزامه فهو مما لا دليل عليه، كما أن إهداء القراءة للأموات مما اختلف فيه العلماء، والأصح عدم جوازه، والله أعلم.
(٢) أطال علماء الإسلام في ذم كلام ابن عربي الطائي صاحب كتاب "الفتوحات المكية" وبينوا فساد معتقده وخطره في تقريره عقيدة وحدة الوجود، وصنفت في ذلك كتب مستقلة.