للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منهاجِ النوويِّ" أخذه عنه: البرهانُ ابنُ ظهيرةَ، وابنُ شعبانَ (١)، وغيرهما.

واختصرَ "فتح الباري" لشيخِنا في نحو أربع مجلدات، وسماه "تلخيص أبي الفتح لمقاصدِ الفتح" (٢)، وهو شبه المنتقى، وحدَّثَ باليمنِ، ودرَّس بها.

وممَّن قرأ عليه بها: التقيُّ ابنُ فهدٍ وغيرُه من القُدماء، وبنى لأجلِه بعضُ ملوكِها بها مدرسةً، وجعلَ له فيها معلومًا وافرًا، كان يُحملُ إليه بعد انتقاله عنها برهةً.

وكذا حَدَّثَ بالمدينة بعد سؤالِ أخيه أبي الفرجِ له في ذلك، وتوقُّفِهِ فيه تأدبًا مع الجمالِ الكازرونيِّ؛ لتقدُّمِهِ في السنِّ عليه؛ فقرأ عليه أخوه المذكور "الصحيحينَ"، و"الشِّفا" بالروضة، وكذا قرأ عليه آخرونَ كأبي الفتحِ ابنِ تقيٍّ، ولم يلبَثْ أن قُتِلَ أخوه الكمالُ أبو الفضل، كما أسلفتُ في ترجمته، فكان ذلك سببَ انتقالِهِ إلى مكةَ، وذلك في سنةِ أربع وأربعينَ، واستمرَّ بها حتَّى ماتَ، بل كان مِمَّنْ تردَّدَ إليها قبلَ ذلك مرارًا، أولها سنة ثمان مئةٍ، وجاورَ بها سنينَ، وحَدَّثَ بها بالكتب السِّتَّةِ وغيرِها، واشتهرَ ذكره فيها بحيثُ استقرَّ في مشيخةِ الخانقاة الزِّماميةِ بها بعد موتِ شيخها أَحْمَدَ الواعظِ (٣) في سنة خمسين، ثُمَّ استقرَّ به الجمالُ ناظرُ الخاصِّ في مشيخةِ مدرستِهِ التي أنشأها بمكةَ أوَّلَ ما أتيتُ في سنة سبعٍ وخمسينَ، وجعلَ وقتَ


(١) شمسُ الدِّين مُحَمَّدُ بنُ شعبانَ الشافعيُّ، المتوفى سنة ٨٠٤ هـ. "النجوم الزاهرة" ١٥/ ٤٨٧.
(٢) "هدية العارفين" ١/ ٥٥٦.
(٣) أحمدُ بنُ أحمدَ بنِ جوغانَ، الشاذليُّ، الواعظ، نزيلُ مكَّة، توفي سنة ٨٥٠ هـ. "الضوء اللامع" ١/ ٢١٠.