للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سنةَ ستٍّ وستين وسبع مِئَةٍ، وكانَ إمامًا فاضلًا في مذهَبِهِ، رُحلةً في القراءاتِ، ومتعلَّقاتها من العربيةِ والصَّرفِ، وغيرهما، ذا تآليفَ مفيدةٍ عديدةٍ، كـ "شَرْحَي الحاوي"، و "الألفية"، وغيرِهما، وقامَ بالخطبةِ والإمامةِ أحسنَ قيام، بل لم يَلِ هذا المنصبَ ألينُ عريكةً منه، ولا أكثرُ تواضعًا، ولا أصحُّ سريرةً، ولا أصفى قلبًا للمجاوِرِين، غيرَ أنَّه وجدَ عند الخُدَّامِ بقايا ذلك العنادِ الذي تأسَّسَ في أيامِ التَّاجِ قبلَهُ، فحاولَ إصلاحَه بالقُوَّةِ والشدَّة، فزادوا في مُناصاته (١) إلى الحَدِّ، وجرى بين الفريقين ما لا يَلِيقُ، بحيثُ كما قالَ المجدُ (٢): كانَ ذلك سببًا لانفصاله، وأنَّه لمَّا انفصلَ رجعَ إلى مصر، وترافَقْنا في طريقها، ووَلِيَ بعدَ قليلٍ بيتَ المقدسِ، ثمَّ انتقل إلى قضاءِ بَلَدِ الخليلِ، واستقرَّ بها مدَّةً، وتولَّى تدريسَ المدرسة اليَلْبُغَاوِيَّةِ بالرَّملَةِ، وماتَ ببيتِ المقدسِ مبطونًا شهيدًا سنةَ إحدى وثمانين وسبعِ مئةٍ.

وصدَّر ترجمتَه بالثَّناءِ الزائدِ، ثمَّ لخَّصَ كلامَ ابنِ فرحونٍ، كلُّ ذلك بسَجْعٍ بديع.

وذكرَه شيخنا في "الدُّرَر" (٣) باختصارٍ، فقالَ: إنَّه تفقَّه ومهرَ، وشرحَ "الحاوي" و"الألفية"، وله تصانيفُ في القراءات، ثمَّ ولي قضاءَ المدينةِ سنةَ ستٍّ وستين، ثمَّ القدس، ثمَّ نابَ في عِدَّةِ جهاتٍ من أعمال الدِّيار المصرية، وذكره في


(١) أي: تحريكه، يقال: أناص الشيء عن موضعه: حرَّكه وأداره لينتزعه. "لسان العرب": نيص.
(٢) "المغانم المطابة" ٣/ ١٢٩٨.
(٣) "الدرر الكامنة" ٣/ ٤٥١.