للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واستحكَمَ الفسادُ، وصارَتْ آراؤُهُ تصدُرُ عن مشاورة الشُّبَّانِ، فَبَدَتْ منه أشياءُ لا تليق بعقلِهِ، وحُسنِ سياسَتَهِ، ونَفَرَ عنه أكثرُ المجاورينَ والخُدَّام، ومالَتْ عنه قلوبُهُم، واجتمعتْ كلمتُهم على غيرِهِ.

واتَّفَقَ له مع الخُدَّامِ موطنٌ في دارِهِ حَضَرَهُ جماعَةٌ من الأشرار، لولا اللُّطُفُ لكانَ يحكي يوم الدَّار (١)، ولما سافرَ الناسُ إلى مصرَ قلَّ الشَّاكرُ، وكثُر الشَّاكي.

وكان قد عَزَلَنِي من نيابة في الأحكام، فجاءني في أثناءِ سنةِ خمسٍ وستين توقيعٌ بالإجراءِ على العادة في الأحكام، وعدم تعرُّضِ أحدٍ من الحكام لِعَزْلي.

وكذا جاءَ للخُدَّام أيضا ما قَوِيَتْ به شوكتُهُم، وَعَلَتْ به كَلِمَتُهم، فحينئذٍ أقبلَ على شأنه، حافظًا للسانِهِ، متحرِّزًا من إخوانه، ثمَّ سافرَ إلى مصرَ مع الرَّكبِ المصري ليُمهِّدَ الأحوال، ويُدركَ الآمال، فلمَّا وصلها تحقَّق أنَّ سعيَةُ في ذلك يُسقط حِشمَتَهُ، ويَنقصُ حُرمته، فاختار المقامَ بها، فعُزل بالشَّمسِ الحَكري، انتهى.

وتبعَه المجد (٢) على جاري عادته، مُلخِّصًا كلامَهُ بالعبارَةِ الوجيزةِ، والإشارة الحريزة.

وقالَ غيرُهما: إنَّهُ اتفقَ في ليلةِ ثامنِ عشري ربيعٍ الأوَّلِ أنَّه صلَّى بالنَّاسِ العصرَ، فَسَجَدَ في الركعةِ الأخيرة سجْدَةً فقط سهوًا، وتشهَّدَ، وسلَّم، فقيل له: قد


(١) يريد: الدارَ التي حُصر فيها عثمان بن عفان، وقتل بها، أي: كاد المترجَم أن يُقتل.
(٢) في "المغانم المطابة" ٣/ ١٣٠٠.