للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومِنْ جملة كراماتِهِ: أنَّ كبيشَ بنَ منصورٍ (١) متولِّيَ المدينة نيابةً عن أبيه بَلَغَهُ أنَّ عمَّه مُقبِلَ بنَ جمَّازٍ (٢) أقبلَ مِن الشَّامِ يريدُ المدينةَ، فأَمَرَ بالاحتفاظِ منه، ونادى أن لا ينامَ أحدٌ من المجاوِرِينَ، وغيرِهم حتَّى الضعفاءِ، والعلماءِ، والخدَّامِ في بيِتهِ، بل بالقلعَةِ وما حولهَا، وَمَنْ تخلَّفَ حلَّ دَمُهُ، فكَرِبَ الناسُ لذلك، ولكن لم يَسَعْهُم غيرُ الطَّاعَةِ، بحيثُ لم يتخلَّفْ سوى والدي، والشيخين عبد الله البسكريِّ (٣)، وصاحبِ الترجمة على قدميهِ، وصاح: اللهمَّ مَن أرادَ المدينةَ بسوءٍ مساءً فخُذْهُ صباحًا، ومَن أرادها صباحًا، فخذه مساءًا، واحتدَّ، واحمرَّ وجهه، ودعا حتَّى قال مَن لا يعرِفُ حالَهُ: هذا منه هَوَسٌ، فإنَّ الناسَ [قد أَمِنُوا] وطابت قلوبهم، وهذا الرجل يُذَكِّر بالشَّرِّ، ويدعو على من [أُمنَ شرُّه] (٤)، فلم يلبث إلا ليلةً، أو ليلتينِ، ودخلَ مُقبِلٌ المدينةَ هو وجماعةٌ بالليلِ مِن خَلْفِ قَلْعَتِها، فإنهم نَصَبُوا سُلَّمًا استعملوه في الشَّامِ قِطَعًا مُوَصَّلًا هو اليومَ بالحرمِ الشَّريفِ، وذلكَ في ليلةِ السبتِ ثامن عشري شعبانَ سنة تسعٍ وسبعِ مِئَةٍ، فرامَ كبيشٌ الهروبَ، ثمَّ ثبَّتَهُ اللهُ تعالى،


(١) تقدَّمت ترجمته في حرف الكاف.
(٢) ترجمته في القسم المفقود من الكتاب.
وهو مُقبلُ بنُ جمَّازِ بنِ شيحةَ الحسينيُّ، أشركه الظاهر بيبرس مع أخيه منصورٍ أميرِ المدينة في إقطاع المدينة النبوية، وكان طالبَ مُلكٍ، له مقاتلة واختلاف على الإمارة، قُتل في أثنائها. "نصيحة المشاور" ص: ٢٤٩، و"الدرر الكامنة" ٤/ ٢٥٦، و"صبح الأعشى" ٤/ ٣٠٠.
(٣) أبو محمَّدٍ، عبدُ الله بنُ عمرَ البسكريُّ، تقدَّمت ترجمته في حرف العين.
(٤) في الأصل: من سره، والتصويب من: "تاريخ ابن فرحون".