للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعدَ سنينَ التَّنصُّلَ مما هو فيه، فسعى بعد موتِ بشيرٍ التنميِّ (١) في مشيخةِ الخدامِ بالمدينةِ النبويَّةِ، ونظرِ الحرمِ، فأجابه الأشرَفُ لذلكَ، مراعاةً لخاطرِهِ، وإلا فهو لم يكن يسمحُ لفِراقِهِ مع كونِهِ عزَّ على الخُدَّام، وقالوا: إنَّ العادَةَ لم تجرِ في ولايةِ المشيخةِ لفحلٍ (٢)، وسافرَ في سنةِ تسعٍ وثلاثينَ.

ثمَّ أُضيفَ إليه نظرُ حَرَمِ مكَّةَ عِوَضًا عن سودونَ المحمديِّ (٣)، واستمرَّ يتردَّدُ بينَ الحرمينِ، إلى أن استقرَّ الظاهرُ جقمقُ، فأمر بإحضارِه، فحضرَ، وتكلَّفَ له، ولحاشيته أموالًا جَمَّةً، فله فيما قيل: خمسةَ عشرَ ألفَ دينارٍ، وأزيدَ مِنْ نصفِها لِمَن عدَاهُ، وآل أمرُهُ أن رَضِيَ عنه، ونادَمَهُ، وأعطاه إقطاعًا باعَهُ بِسِتَّةِ آلافِ دينارٍ، وتقدَّمَ عندَهُ أيضًا إلى أن ماتَ بالطاعونِ في يوم الجمعةِ سابعَ عَشَرَ صفرَ سنةَ ثلاثٍ وخمسينَ، ودُفِنَ بتربَةِ ابنِ عبُّودٍ من القرافَةِ.

وكان خيِّرًا، فَكِهَ المحاضرةِ، لَطيفَ العِشرَةِ مع مزيدِ سُمنةٍ بحيثُ لم يكن يحمِلُهُ إلا جيادُ الخيلِ، تامَّ العقلِ، يرجعُ إلى دينٍ، وعِفَّةٍ عن المنكراتِ، وإمساكٍ


(١) كذا في الأصل واضحة، وقد تقدم التيمي في (٢/ ١٣٦).
(٢) أي: كانت مشيخة الخدَّام في الحرم للمَخْصِيِّين، وكانوا قديمًا يُسمَّون الطواشيين، واليوم يقال لهم: الأغوات.
(٣) سودون المحمديُّ الجركسيُّ، كان مملوكًا، فصار من حاشية العزيز سلطان مصر، وترقى في المناصب، وصار ناظر مكة،، ثم نائبًا في قلعة دمشق، كان ديِّنًا خيِّرًا، توفي سنة ٨٥٠ هـ. "الضوء اللامع" ٣/ ٢٨٦.