للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والخطابةِ مدَّةَ غَيبتِه في القاهرةِ سنةَ اثنتين وأربعين، وكذا كانَ استنابه فيهما أيضًا الجمالُ المطريُّ في سنةِ ثمَان وثلاثين، وكان القاضي شرفُ الدِّين غائبًا في القاهرة، وأجادَ تأديتَهما والقيامَ بهما، وكُّفَ بصرُه في آخر عمره، فصبَر واحتسب.

وأعاده مقتصرًا على اسمِه، وقال: شيخ صالح، مُعمَّرٌ مُقرئ بالسَّبع، قصدَ الحرمين، فجاور بالمدينة، ثمَّ مكَّة، وأقام بها طويلًا، ثمَّ رجعَ إلى المدينة، ونابَ بها في الإمامةِ والخطابةِ، ونشرَ القراءاتِ بالحرمين، ثمَّ ماتَ بالمدينة، ودُفنَ خلفَ قُبَّةِ عثمَان -رضي الله عنه-. وهو عند الفاسيِّ في مكة (١).

وذكره المجد (٢)، فقال: كانَ شيخًا ذا هيبةٍ وسكينة ووقارٍ، حسن السَّمْتِ، مَليحَ الشَّيبةِ، كثير الصمتِ، صَبيحَ النَّقيبة (٣)، مالَ المستفيدون جميعُهم إليه، وانتفعوا به، وجوَّدوا عليه، وكان مِن الشُّيوخِ القُدماءِ المُقَدَّمين، اقْرأَ القرآنَ الكريمَ بالسَّبعِ مُدَّةَ سنين، واستنابَه في الإمامة والخطابة القاضي شرفُ الدِّين (٤)، وكان قد استنابَه قبلُ فيهما الشَّيخُ المطريُّ جمالُ الدِّين، فقامَ بهما أحسنَ القيام، وأقرَّ بحُسنِ أدائِه كلُّ خطيبٍ وإمام، وابتُلي في الآخرِ بذهابِ البصر، فاحتسبَ على الله وصبر، وفازَ من الله بأطيبِ البُشَر.

ووصفَهُ الجمالُ ابنُ ظَهيرةَ: بالمُسنِد المُعمَّر، بقيةِ المشاَيخِ المُسندين، شيخِ القُرَّاءِ والمحدِّثين، والمتصدِّر بالحرمينِ الشَّريفين.


(١) "العقد الثمين" ١/ ٣٠٠.
(٢) أي الفيروزآبادي، في: "المغانم المطابة" ٣/ ١١٨٢.
(٣) النَّقيبة: النَّفس والطبيعة. "القاموس": نقب.
(٤) شرف الدين الأميوطي: كما تقدم.