للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْهَا: زينةُ المَسْجِدِ، وكَثرةُ الوَقِيدِ (١)، وكثرةُ النِّساءِ واختلاطُهُنَّ بالرِّجالِ، والصِّياحُ مِن الصَّغِيرِ والكبيرِ، حتى لا يَبْقَى للحَرَمِ حُرمَةٌ، ولا تملِكُهُ القَوَمَةُ. وكانت له غَيْرَةٌ على أهلِ السُّنَّةِ ولو عَلِمَ مِن كثيرٍ منهم كراهته، فيُسَدِّدُ أحوالَهُم ويُقِيمُ حُرمَتَهُم عند أمراءِ المدينةِ ويجاهِدُ بنفسهِ في حَقِّهِم. وله تَوَاليفُ مفيدةٌ في الكلامِ على الحديثِ وغيره، منها: "الجواهرُ السَّنِيَّةُ في الخُطَبِ السُّنِّيَّةِ" قَلَّ أن يَخْلُوَ منها خُطبَةٌ إلَّا وفيها البِدْعَةُ وأهلُهَا، وتوبيخُهُم بها.

ونَزَلَ مَرَّةً مِن المنبرِ لِضَرْبِ رَجُلٍ مِن الإماميَّةِ كَانَ يَتَنَفَّلُ زيادةً على تحيَّةِ المَسْجِدِ، ويُؤدِّي ظُهْرَ الجُمُعَةِ أربعًا في أثناءِ ذلك التَّنَفُّلِ، لأنهم لا يَعْتَقِدُونَ إقامةَ الجُمعةِ إلَّا خلف إمامٍ مَعْصُومٍ، وهذا كان عادتُهُم معه ومع غيره، فنهَاهُم عَن ذلك فانْتَهَوا إلَّا مَنْ قَوِيَ تَشَيُّعُهُ وتَعَصُّبُهُ، فكَانَ يَصيحُ عَلَيهِم وهو على المنبَرِ ويأمرُ بِجَرِّهِم إلى عنده فَيَضْرِبُهُم.


(١) المقصود بكثرة الوقيد كثرة إشعال الفوانيس ليلًا بالمسجد، وقد كان الخدام قبل إشعال الفوانيس ليلًا بالمسجد يشعلون سعف النخيل ويطوفون بها ليلًا لإخراج الناس من المسجد، والذي أبطله كافور المظفري الحريري عام ٧١١ هـ.
قال ابن فرحون ص ٤٤: وممَّا للشَّيخِ الحَرِيرِيِّ مِنَ الآثَارِ الحسَنَةِ: تَبْطِيلُ الطَّوافِ بالشُّعَلِ مِنْ جَريدِ النَّخْلِ، وتبدِيلُها بِالفَوَانِيسِ الَّتِي يَطُوفُونَ بها اليومَ كُلَّ لَيْلَةٍ بعدَ صَلاةِ العِشَاءِ الأخِيرَةِ، وذَلِكَ أنَّهم كانُوا قبلَ الحَرِيرِيِّ وصَدْرًا من وِلايَتِهِ يأخُذُ عَبِيدُ الخُدَّامِ وبعضُ الفَرَّاشِينَ شُعَلًا مِنْ سَعَفِ فَيَطُوفُون بها، عِوَضَ الفَوَانِيسِ يَجْرُونَ بها كَأَشَدِّ ما يَكُونُ في الجَرْيِ، فإذا وَصَلُوا بابَ النِّسَاءِ خَرَجُوا بها، وخَبَطُوا بِمَا بَقِيَ مَعَهُم فيها، فكانت تُسَوِّدُ المَسْجِدَ وتُسَوِّدُ بَابَهُ أيضًا، وفيها مِنَ البَشَاعَةِ ما لا يَخْفَى، فأَمَرَ بِالفَوَانِيسِ عِوَضًا.