للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في مطلوبِهِ، وبذلتُ جُهدِي معه حتى حَصَلَ عَلَى مقصودِهِ، فصَفا قَلبُهُ وأَعَرَضَ عَن جميعِ مَا كَانَ سَمِعَهُ.

واستمَرَّ واستنابَ في فصلِ الخُصُوماتِ الفقيهَ أحمدَ الفاسيَّ المشار إليه، ثم بعد موتِهِ الشِّهابَ أحمدَ التَّادِليَّ، ثم عَزَلَهُ واستنابَ الجمالَ المَطَرِيَّ في الأحكامِ، بل وفي الخَطَابَةِ والإمامَةِ، ومات في سنهِ خمسٍ وأربعينَ وسبعِ مئةٍ بالمدينةِ، يعني في صَفَرِها، ودُفِنَ شَامِيَّ قُبَّةِ سيِّدنا عثمانَ من البقيعِ (١).

وعبَّر المَجْدُ عن أكثرِ هذا مَعَ زياداتٍ أتى فيها بِعِبَارَاتٍ رائِقَةٍ وإشاراتٍ شائِقَةٍ، لا تُسْتكْثَرُ على مثلِهِ في تفنُّنِهِ وفَصَاحتِهِ، ولُغَاتِهِ المُنْفَرِدِ بها عن أهلِ تحقيقِهِ ونقلِهِ (٢).

وقال ابنُ صالحٍ: إنه كان مُعِيدًا بالقاهرة عندَ البدرِ ابنِ جماعَةَ، وأن ولايتَهُ كانت وهو ابنُ ستٍّ وخمسينَ سنة، ولم يَحُجَّ قبل ذلك، واستمَرَّ في القضاءِ سبع عشرة سنةً، وسافرَ في قضائِهِ إلى مصرَ والشَّامِ مَرَّتَينِ، وأشكُّ في الثانيةِ، وكان كثيرَ الفضائِلِ له أبحاثٌ مُطْرِبَةٌ، حَسَنَ العبارة والخُلُقِ، طَلْقَ اللسانِ، فَصِيحَ الكلامِ، عظيمَ التَّواضُعِ، يقولُ لأصغَرِ الطَّلَبَةِ في المحافلِ إذا أشارَ إليه بالسُّؤالِ: لَبَّيْكَ، ويجلِسُ في الدَّرسِ على الحصيرِ إن كان في المدرسةِ، وعلى البَطْحاءِ إن كان في المسجدِ، وكان من خِيارِ وقتِهِ، ويقولُ: إنه ينتمي لِسيِّدنا عثمانَ من جِهة النِّساءِ، ولذا دُفِنَ بالبقيعِ


(١) إلى هنا انتهى النقل من "نصيحة المشاور".
(٢) "المغانم المطابة" ٣/ ١٢٧٧.