للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَلْفَاظِ الكُتُبِ الشَّهِيرَةِ، مُجِيدًا لِقِرَاءَتِها فصيحًا بِحيثُ كان ابنُ السَّيِّدِ عفيفِ الدين يُنِّوِهُ به في ذلك، وتَصدَّر بعد أبيه للإسماعِ، فكان يَقرأُ عليه مَن شاء الله من أهلِ بَلدِه والقادمينَ عليها، وهمْ مُتَّفِقونَ على وجَاهَتِه وجَلالتِه وخَيرِه ومَتانةِ عقْلِه، بحيثُ صَارَ مَرْجِعًا في مُهِمَّاتِهمْ وغَيرِهَا من أُمورِ المدينةِ، سِيَّما وآراؤه جَليلةٌ ومقاصدُه حسنةٌ جميلةٌ وتودُّدُه للفقراءِ والغرباءِ مُتزايد، وبذلهُ لما تحت يدِه من الكُتبِ وهو شيءٌ كثيرٌ لطَالِبِهِ من أهلِ البلدِ وغيرِهم منتشرٌ، وله في الحريقِ الواقعِ بِها اليدُ البيضاءُ، بل هِمَّتُه عليَّةٌ وبهجتُه جلِيَّةٌ مع نقصِ حركتِه، فإِنَّهُ من صِغَرِهِ عَرَضَ له عَارضٌ بِحيثُ أُقعِدَ حتى صارَ يمشي أَولًا على عُكَّازينِ، ثُمَّ بأَخَرَةٍ صار يُوضع على تِكَّةٍ لها بَكَرٌ يُسْحَبُ بِها إلى بابِ المسجدِ ويحمِلُهُ مِنْ ثَمَّ حَاملٌ إلى أُسْطَوانَةِ التَّوبةِ من الرَّوضةِ، فيجلِسُ بها أيامَ الجُمَعِ ونَحْوها، وكذا أشهرَ الحديثِ ونحوَ ذلك، وباقي الأيَّامِ في بيتِهِ، ولا يترُكُ مع ذلك الحجَّ في كُلِّ سنةٍ، وقدْ لقِيتُه مِرارًا بمكةَ ثُم بالمدينةِ في مجاورتي بها، وسَمِعَ منِّي أشياءَ معَ الجماعةِ بالرَّوضةِ وغيرها، وعَظُمَ اغْتبَاطُه بي، وهَمَّ بإبطالِ إِسماعِه حينَ إِقامتي، وصار يَحضُّ الناسَ على الأَخذِ عَني، ووَالى فضْلَهُ وتفقُّدَهُ بحيثُ اسْتَحْييتُ مِنه، وأضافني في مكانهمُ الشهيرِ من العوالي واسْتأْنسَ بي كثيرًا، وسمعتُ من لفْظِهِ ما نظَمهُ عمُّه الجمالُ أبو اليُمْنِ محمَّدٌ في آبارِ المدينةِ (١)،


(١) والبيتان هما:
إذا رُمتَ آبار النّبِيِّ بطيبةٍ … فَعدَّتُها سبعٌ مقالًا بلا وَهنِ
أريسٌ وغُرسٌ رُومةٌ وبُضاعةٌ … كذا بُصَّةٌ قُل بِئرُ حاءٍ مع العِهنِ
[تقدم ذكر الأبيات في ترجمة محمد بن أبي بكر رقم (٣٤٨٦)]