للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخَلْقِ أَحَدًا، وهو مُكِبٌّ على محافظةِ الوقتِ والتزامِهِ والمواظبةِ على صيامِهِ وقيامِهِ، ولُزومِ طريقِ الانقطاعِ، والانعزالِ عن الخلقِ وتركِ الاجتماعِ، خَصَّهُ الله بِمَواهِبَ عَلِيَّةٍ، وأَظهرَ عليهِ آثارَ العنايةِ الأزليَّةِ.

واقتصرا من نَسَبِهِ على مُحَمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ سهلِ بنِ مالِكِ بنِ سَهْلٍ، وما أَثْبَتْنَاهُ من الزِّيادَةِ بآخرِهِ وأَثْنائهِ وقعَ كذلكَ عند شيخِنا في "دُررهِ" (١)، ويتأيَّدُ بِحكايتِه في تَرْجَمَتِهِ أنَّ جَدَّهُ مُحَمَّدَ بنَ سهلٍ ماتَ سنةَ ثمانٍ وستينَ وخمس مئةٍ، وقال: ماتَ أبوهُ، وكانَ رئيسَ غرناطةَ سنةَ سبعين وهو صغيرٌ، فأخذَ عن أبوَي جعفرِ ابنِ الزُّبيرِ وابنِ الطَبَّاعِ والبهاءِ ابنِ النَّحاسِ والشَّرَفِ الدِّمياطيِّ وابنِ دقيقِ العيدِ وغيرِهم، واشتغلَ كثيرًا، ومالَ إلى مذهبِ الظَّاهِرِ، وحَجَّ في سنةِ سبعٍ وثمانينَ وستِّ مئةٍ، ثم قَدِم دمشقَ سنة عشرينَ، وقرأ على الحجَّارِ "صحيح البخاريِّ"، ثمّ حَجَّ وجاوَرَ، وكان قرأَ بالسبع في صِغَرِهِ على ابنِ أبي الأحوصِ (٢) وأبي جعفرِ ابنِ الزُّبيرِ، وبَرَعَ في معرفةِ الاصطِرْلابِ، وكان وافِرَ الجلالةِ بِبَلَدِهِ، ويُلَقَّبُ بِالوزيرِ، ويَرْجِعُونَ إلى رأيهِ مَعَ وَرَعٍ وفضائلَ.

قال الذهبيُّ (٣): كان شيخًا وَقورًا لا يَتَعَمَّمُ بل كان يَتَطَيْلَسُ على طاقيةٍ، وقال القُطْبُ الحَلَبِيُّ: كان فاضِلًا عارفًا، له دِينٌ مَتِينٌ، ووَرَعٌ وزُهْدٌ


(١) "الدرر الكامنة" ٥/ ٤٤٢.
(٢) يوسف بن الحسن بن عبد العزيز بن أبي الأحوص، ولد سنة ٦٤٩ هـ، من أهل العلم، توفي سنة ٧٠٥ هـ. "الدرر الكامنة" ٤/ ٤٥٢.
(٣) "الدرر الكامنة" ٥/ ٤٤٢ - ٤٤٣.