للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لابنِ مَسْدِيٍّ (١)، لكونه يُبيِّنُ فيه المذاهِبَ كُلَّها، وكان لا يترُكُها إذا حَجَّ، وهي نسخةٌ عظيمةٌ بِخَطِّ أخي عليٍّ في مجلَّدٍ كبيرٍ لِأَكْشِفَ عن مسألَةٍ، فقال لي: والله سُرِقَت البَارِحَةَ هي والبُرْنُسُ والسَّيفُ، قلتُ له: وكيفَ هذا، قالَ: جاءَ السَّارِقُ من وراء المحارةِ وأنا في الصلاة أَنْظُرُ إليه فَهَمَّت نَفْسِي بِأَخْذِهِ أو الصِّياحِ عليه، فآثَرْتُ صلاتي، وقُلْتُ: دَعْهُ، فما أنا فيه خيرٌ مِمَّا يَفُوتُنِي منه، فَانْظُر إلى هذا المقامِ العظيمِ.

وأخبرَنِي أَنَّهُ اغتسل في منزلةٍ من منازلِ الحاجِّ بِاللَّيلِ فحلَّ حزامَهُ وكان فيه مالٌ عظيمٌ هو جُلُّ ما يَمْلِكُهُ، قال: فاشْتَغَلْتُ ونَسِيتُ حَتَّى رَحَلْتُ، ثُمَّ تَذَكَّرْتُ بعد مرحلةٍ، فحصلَ لي من الأَسَفِ والحُزْنِ على ذلك المالِ الحلالِ أمرٌ عظيمٌ، فما كان إلَّا قليلًا وإذا بِمُسْتَفْتٍ عن لُقَطَةٍ، فَقُلْتُ: في أيِّ شيءٍ هي؟، فقالَ: في حِزَامٍ، فَقُلْتُ له: هاتِها، فَهِي لي بِأَمَارَةِ كذا وكذا.

ماتَ بمصرَ سنة ثلاثين وسبعِ مئة، ورثاهُ أبو حَيَّانَ وغيرُهُ، وتَبِعَهُ المجدُ باختصارٍ (٢)، فقال -بعد تصديرِ ترجمتِهِ بشيءٍ مما تَقَدَّمَ من أوصافِهِ-: إنَّهُ وَرِثَ من أبيهِ مالًا جزيلًا، فأعرَضَ عن الكُلِّ واسْتَصْحَبَ من أَصْلِ مالِهِ جملةً صالحةً، وكان يَقْتَاتُ منه ولا يأكُلُ من غيرِهِ أبدًا، ولا يُضِيفُ من


(١) محمَّدُ بنُ يوسفَ بنِ موسى، ابنُ مَسديٍّ، الأزديُّ، المهلبيُّ، توفي بمكة سنة ٦٦٣ هـ. وابن مسدي: بفتح الميم. ينظر: "تذكرة الحفاظ" ٤/ ١٤٤٨، وكتاب "مناسك الحج" لم أر من ذكره له، ولعله "المسند الغريب" الذي قال عنه الكتاني: جمع فيه مذاهب المتقدمين والمتأخرين، انظر: "الرسالة المستطرفة" ص: ٨٢.
(٢) "المغانم المطابة" ٣/ ١٢٨٣.