للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأعرَبَ جميعَ "ألفيَّةِ ابنِ مالكٍ"، لأجلِ وَلَدِهِ أبي الطاهرِ، وعَمِلَ كتابًا في مُصطَلَحِ الصُّوفِيَّةِ سمَّاهُ "منشَأَ الأغاليطِ".

وأفرَدَ رِحلَتَهُ في مُجَلَّدٍ، وعقيدَتَهُ بالتَّأليفِ، وتبَرَّأَ فيها من كُلِّ ما يُخالِفُ السُّنَّةَ والجماعَةَ، ولم يزل على جلالَتِهِ إلى أن وَقَعَ بِحَلَبَ فَنَاءٌ عظيمٌ، تُوُفِّيَ فيه غالِبُ من عندَه من وَلَدٍ وأهلٍ وخَدَمٍ، فَأَسِفَ وتوجَّهَ إلى مكةَ بِنِيَّةِ المُجاوَرَةِ بها صُحبَةَ الرَّكبِ الحَلَبي.

ولَقِيَهُ العلاءُ ابنُ العفيفِ المُشارُ إليهِ بالشَّامِ وهو مُتوَعِّكٌ، فقال له: قد كنتُ عزمتُ على المُجاوَرَةِ بِمَكَّةَ، والآن وقع في خاطري مزيدُ الرَّغبَةِ في المجاورةِ بالمدينةِ النبويَّةِ، فكان ذلك، فإنَّهُ استمَرَّ في توعُّكِهِ إلى يومِ دُخولِهِ لها، وذلك في يوم الثلاثاءِ (١) العشرين من ذي القعدةِ سنةَ ثلاثٍ وسِتِّين، فمات ودُفِنَ بالبقيعِ بعد الصَّلاةِ عليه بالرَّوضَةِ النبوِيَّةِ رحمه الله وعفا عنه.

ورثاه زوجُ ابنتهِ الفاضلُ الأوحدُ جلالُ الدِّينِ ابنُ النَّصيبي (٢) بقصيدةٍ مطلَعُها:

أخفاك يا شمس العلوم كسوفُ … من بعدِ فَقدِكِ ناظري مكفوفُ


(١) في هامش الأصل بخط عبد القادر الأنصاري: قف على أن هذا يدل على أن دخول الحاج كان في ذلك اليوم.
(٢) محمد بن عمر بن محمد الجلال النصيبي الشافعي، فقيه متفنن، ولد بحلب سنة ٨٥١ هـ وتعلم بالقاهرة، وذكر السخاوي أنه التقى به سنة ٨٩٥ هـ بالقاهرة ولم يؤرخ وفاته. "الضوء اللامع" ٨/ ٢٥٩.