للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الوظائِفِ السَّبعَةِ التي ذكرها الغزاليُّ، ولم يُخلِها من كتبه الكلامِيَّةِ والصُّوفِيَّةِ:

تقديسُ إيمانٍ وعجزٌ فافهم … واسكت مُكِفًّا ثُمَّ أمسِك سَلِّم

وكان إمامًا علّامةً، فصيحًا طَلقَ اللِّسانِ، رائِقَ النَّظمِ والنَّثرِ، بديعَ الذَّكاءِ، حَسَنَ الأخلاقِ والمُعاشَرَةِ والشَّكالَةِ والبِزَّةِ، مُمتِعَ المُحاضَرَةِ، سريعَ الجوابِ، مُجيدًا لما يتكلَّمُ فيه، مُثريًا ذا مالٍ طائلٍ، مُنعَزِلًا عن الناس بِبيتِهِ، الذي أنَشأَهُ بِحَلَبَ، وهو من محاسِنِ بيوتِها، مُتَعفِّفًا عن وظائِفِ الفُقَهاءِ وما أشبهها، مُستغنيًا بأوصافِ المتاجِرِ، ذا يدٍ طولى في عِلمِ الكلامِ والفَلَكِ والحَرفِ والتَّصوُّفِ، ولكنه يُنسَبُ لمقالَةِ ابن العَرَبي، ولذا كان البلاطُنسِيُّ يَقَعُ فيه، مع أنِّي رأيتُ بِخَطِّهِ ما يَدُلُّ على التَّبَرِّي من ذلك، هذا مع أنَّه أورد بِسَنَدهِ بِلِباسِ الخِرقَةِ في إجازَةٍ كتبها للسَّيِّد العلاءِ ابنِ السَّيِّدِ عفيفٍ الدِّينِ من طريقِهِ، وقال ما نَصُّهُ: ومولانا الشَّيخُ محيي الدِّين المُشارِ إليه، لَبِسها مرارًا بحيثِ روينا عنه أنَّه لَبِسَ الخِرقَةَ، وتلقَّنَ الذِّكرَ، وتأدَّبَ بنحوٍ من سبعِ مئةِ شيخٍ من مشايخ الطريقَةِ وأئمَّةِ الحقيقةِ، وساق طَرَفًا من ذلك، فاللهُ أعلَمُ بحقيقةِ أمرِهِ. وقد حَجَّ غير مَرَّة، وجاور بِمَكَّةً بعد الثلاثينَ، ودخلَ الهندَ وساحَ، ورابطَ ببعضِ الثُّغورِ وقتًا. وشَرَحَ قطعةً من "الحاوي الصغير"، ومن "الإرشادِ" للقاضي أبي بكرٍ الباقلانيِّ في الأُصُولِ (١)، وشرحِ "البُرهانِيَّةِ" في أصولِ الدِّينِ.


(١) كتاب "التقريب والإرشاد" في أصول الفقه للقاضي أبي بكر الباقلاني المتوفى سنة ٤٠٣ هـ، مطبوع.