للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سنة، وأنّ أوَّلَ شيءٍ دخل جوفَه ريقُ الشَّيخِ عبد القادرِ الكيلانيِّ (١) حيث حنَّكهُ وألبسه لمّا أتت به أُمُّه إليه، مما هو بعيدٌ عن الصِّحَّةِ حسبما بيَّنتُهُ في محلِّهِ، وكذا صَحِبَ صاحبُ الترجمةِ الزَّينِ الخوَّافيَّ وغيرَه من شيوخ الوقتِ، واجتمع بالعلاءِ البُخارِيِّ والتقيِّ الحِصنِيِّ يسيرًا، ولَبِسَ الخِرقَةَ وتلقَّن الذِّكر من سعد الدِّين الصُّوفيِّ (٢) بلباسه لها من طريقِ ابن العربِيِّ، وسمع الحديثَ فيما ذكر على الوليِّ العراقيِّ والعِزِّ ابن جماعةَ وابنِ خلدونٍ، واستوطن حلبَ من سنةِ ثلاثين مُتَصَدِّيًا لتربية المريدين وإرشادِ القاصدين، حتى أخذ عنه جماعةٌ وصارت له فيها وجاهةٌ وجلالةٌ، ورسائلُ مقبولةٌ، ووسائِلُ محمولةٌ، وكنت مِمَّن لقيتُهُ بها فكتبتُ عنه من نظمِهِ قولَهُ:

صرفتُ عن الكثرات وجهَ تَوَجُّهي … إلى وحدِهِ الوجهِ الكريمِ المُمَجَّدِ

فما خابَ مصروفٌ إلى الحَقِّ وجهُهُ … وقد خابَ مَن أضحى مِن الخَلقِ يجتدي

وقولَهُ:

لو كنتُ أعلَمُ أنَّ وصلَكَ مُمكِنٌ … بِتَلافِ روحي أو ذهابِ وُجُودي

لمَحَوتُ سطري من صحيفَةِ عالمي … وهجَرتُ كوني في وِصالِ شُهُودي

وكذا أخذ عنه التَّاجُ ابنُ زهرَةَ الطَّرابُلسِيُّ (٣)، وأنشدني عنه قولَهُ في


(١) عبد القادر بن موسى بن عبد الله بن جنكي دوست، أبو محمد، محي الدين الجيلاني، أو الكيلاني، أو الجيلي مؤسس الطريقة القادرية، من كبار الزهاد والمتصوفين، قبره مشهور ببغداد، توفي سنة ٥٦١ هـ، "فوات الوفيات" ٢/ ٢. "شذرات الذهب" ٤/ ١٩٨.
(٢) ذكره السخاوي ولم يؤرخ وفاته. "الضوء اللامع" ١٠/ ١٠٩.
(٣) عبد الرحيم بن محمد بن أحمد التاج الطرابلسي الحنفي القاضي، ولي القضاء والإفتاء بالقاهرة، توفي سنة ٨٤١ هـ. "الضوء اللامع" ٤/ ١٨٣، و"شذرات الذهب" ٧/ ٢٣٩.