للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقالَ الشَّعبيُّ عن مسروقٍ: كنَّا عندَ ابنِ مسعودٍ، فقرأ: إنَّ معاذًا كانَ أمَّةً قانتًا لله حنيفًا. الآية (١)، فقالَ فروةُ بنُ نوفل: نسي، فقالَ ابنُ مسعودٍ: مَن نسيَ! إنَّا كنا نُشبِّهه بإبراهيمَ الخليل، ورواه أبو الأحوص عن ابن مسعودٍ نحوَه.

وقالَ الأعمشُ عن أبي سفيانَ: حدَّثني أشياخٌ منَّا، فذكرَ قصَّةً فيها: فقالَ عمر: عجزت النِّساءُ أنْ تلدْنَ مثلَ معاذٍ، لولا معاذٌ هلكَ عمرُ.

ومناقبُهُ كثيرةٌ جدًّا. قالَ له النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يا معاذُ، والله إنِّي لأحبُّكَ" (٢).

وكانَ رجلًا طُوالًا، أبيضَ، حسنَ الثَّغر، عظيمَ العينينِ، مجموعَ الحاجبين، جَعدًا قططًا، مِن أحسنِ [النَّاسِ] (٣) وجهًا، وأحسنِه (٤) خُلقًا، وأحسنِه كفًّا، فادّانَ دَينًا كثيرًا، بحيث تغيَّب من غرمائِه، ثمَّ طلبه النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- ومعه غرماؤه، فقال (٥): "رحمَ اللهُ مَن تصدَّقَ عليه"، فأبرأه ناسٌ، وقالَ آخرون: خذ لنا حقَّنا منه فخلعَهُ من ماله، ودفعَه إلى الغُرماء، فاقتسموه، وبقيَ لهم عليه، فبعثَه إلى اليمنِ، وقالَ: "لعلَّ اللهَ يجبرُكَ"، فلم يزلْ بها


(١) يريد قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: ١٢٠]، والخبر في "حلية الأولياء" ١/ ٢٣٠.
(٢) أخرجه أبو داود في الصلاة، باب: في الاستغفار (١٥١٧)، وهذا الحديث يسمى الحديث المسلسل بالمحبة.
(٣) لحق بالحاشية، فوقها: "صح".
(٤) كذا في الأصل، والأصوب: أحسنهم.
(٥) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" ٣/ ٥٨٧، والحاكم في "المستدرك" ٣/ ٢٧٤، وفي سنده الواقديُّ، وهو متروك.