للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ساعةً، ثمَّ رأوا عجزهم، فخرجوا على خيولهم هاربين، فأرسلَ منصورٌ خلفَهم، فأُمسكَ مباركُ بنُ مقبلٍ، فمنَّ عليه، وخلَّى سبيلَه، وبقي العسكرُ في المدينةِ يومينِ أو ثلاثةً، ثمَّ رحلوا منها.

فجمعَ وُديٌّ وأولادُ مُقبلٍ عربًا كثيرةً، وساعدَهم قتادةُ صاحبُ ينبعَ، فحاصروا المدينةَ، فخرجَ منصورٌ منها هو وابنُه كبشٌ، ليتوجَّها إلى السُّلطانِ، فوجدوا في طريقِهم عسكرًا وجَّهه السُّلطانُ إلى مكَّةَ، مُقَدَّمُه سيفُ الدِّين آيدغمش، فسألهم المساعدةَ على وُدَيِّ، وأنْ يُمكِّنوه من المدينةِ، فاستملهوه، وكتبوا بذلك إلى السُّلطانِ، وسافروا إلى مكَّةَ، فبعث إليهم السُّلطانُ يأمرُهم بنصرتِه، فقدموا معه إلى المدينةِ، فخرجَ إليهم وُدَيٌّ وأولادُ مقبلٍ، وجرى بينهما قتالٌ، فقُتلَ ماجدُ بنُ مقبلٍ، وكانت الوقعةُ في جمادى الأولى منها، وانكسرَ وُدَيٌّ وجماعتُه، وتسلَّمَ منصورٌ المدينةَ، ودخلَها العسكرُ، فنهبوها حتَّى القلعةَ، وبيوتَ الشَّرائف، وأقاموا نحوَ ثلاثةِ أيامٍ، ثمَّ رحلوا، واستمرَّ وُدَيُّ وأصحابُه يُغيرونَ على المدينةِ إغارةً بعدَ إغارةٍ.

ولمَّا استقرَّ منصورٌ في المدينةِ، رامَ إخراجَ المجاورين ونحوَهم، ثمَّ كفَّ. قالَه ابن [فرحون في تاريخه] (١). وهو في "درر" (٢) شيخنا، فقالَ: قريبُ أمير المدينة، وولدُ مستوليها، طرَقَها في شعبانَ سنةَ تسعٍ وسبعِ مئةٍ، دهمَهم ليلًا، ونصبَ سُلَّمًا خشبًا، كانَ معه مُقَطَّعًا، وصعدَ منه إلى السُّورِ،


(١) بياض في الأصل. وخبرُه في "نصيحة المشاور" لابن فرحون، ص: ٢٤٩.
(٢) "الدرر الكامنة" ٤/ ٣٥٦.