للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قُتل الزَّكوي (١)، قال: إنَّه لم يُقتل حتى أفتى الأربعةُ بقتله، وأخوه انحسرَ منه.

وما رأيتُ أحدًا من المدنيين إلا ويحكي من كراماتِه ما لم يحكه الآخر، وممَّا حكاه لي السيِّدُ السَّمهوديُّ قال: بلغني أنَّه سُرِقَتْ له دراهمُ من خلوتِه، وأنَّه يُذكر أنَّ بعضَ الجنِّ أخذها، فكنتُ أحبُّ سؤالَه عن ذلك -ووقعَ ذلك في خاطري وأنا في الصَّلاة- فلمَّا سلَّمتُ سألتُه، وقلتُ له: سمعتُ عنكم من الجنِّ؟ فقال: نعم، هو من الذين يقولون لك بطولِ الصَّلاةِ: أوَّلَ ما تُسَلِّمُ سلهُ.

ومنه: أنَّه كانَ يُفرِّقُ ما يَرِدُ عليه من الفتوحات، ولم يدفعْ لي في طولِ مُدَّتِه من حين صُحبتي له إلى سنةِ خمسٍ وسبعين، فلمَّا رجحتُ فيها من الحجِّ، وكانت والدتي معي قَلَّ المصروفُ بعدَ ما كنتُ مَكفِيَّ المؤنةَ قبلُ، فزرتُ، واستمددْتُ من النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- (٢)، ثمَّ توجَّهتُ إلى الشَّيخِ برِباطِ الأصبهانيِّ للسَّلامِ عليه، فوجدتُ البابَ مُقفلًا، وامتنعتُ من طرقِه تأدُّبًا، وقلتُ: ببركتِه يتيسَّرُ مَن يفتح، فما تمَّ هذا الخاطرُ إلا وقد فَتحَ -هو- البابَ وليسَ على رأسِه عِمامةٌ، ثمَّ قال: ادخل يا أستاذُ، وكانَ دائمًا يخاطبُني بذلك، فدخلتُ وقبّلتُ يده، ثمَّ رجعَ معي وأعطاني خمسةَ عشرَ دينارًا، ودعا لي بدعواتٍ مناسبةٍ في أمرِ الرِّزقِ، ثمَّ في أثناءِ السَّنةِ احتجتُ لشراءِ خادمةٍ تُؤنسُ الوالدةَ وتخدمُها، فَعُرِضَت عَليَّ خادمةٌ، واحتجتُ في ثمنِها لعشرةِ دنانيرَ، فعزمتُ في سرِّي على اقتراضِها، ثمَّ جئتُ للدَّرسِ عندَ الشَّيخ على العادة، فلّمَا انصرفتُ وانصرفَ الجماعةُ


(١) الزكوي ابن صالح، قتل أواخر سنة ٨٨٢ هـ. ينظر قصة قتله في أول التحفة اللطيفة قبل حرف الألف.
(٢) هذا من التعلق الخطير بغير الله، الذي يُخشى على صاحبه، وهو يتنافى مع توحيد الله، إذ لازمه أن لا يطلب المدد من ابن آدم فيما لا يقدر عليه إلا الله. وانظر أقوال أئمة المذاهب في تحريم ذلك ومنعه في رسالة الشيخ محمد سلطان المعصومي؛ "حكم الله الصمد في الطالب من غير الله المدد ".