للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابنُ فرحونٍ (١): كانَ من إخوانِنا وأصهارِنا، مِن أكرمِ النَّاسِ، وأحسنِهم خُلقًا، وأبذلهِم لما في يده، وأحبِّهم في الاجتماعِ بالأصحابِ ولو غرِمَ عليه (٢) المئين من المالِ، ساعياً في دُنياه بتعفُّفٍ ودِين، راضيًا بما قُدِّرَ وقُسِمَ له، قائمًا بخدمةِ الشَّريفةِ زينبَ زوجةِ الأميرِ منصورٍ، بحيثُ يذهبُ في وسطِ السَّنةِ إلى العراقِ لقبضِ حَوالةٍ كانت لها، وفي غضونِ ذلك يتسبَّبُ لنفسِه، ويتقنَّعُ بما يفتحُ اللهُ عليه، ويجلسُ مجاورًا في سكونٍ لا يتكلَّم إلا بخير، ولا يسعى إلا فيه، فإذا قَلَّ ما بيدِه سافرَ ويسلِّمُهُ الله، ولقد مررتُ عليه يومًا في الموسمِ وهو جالسٌ في وسطِ الحرَمِ ينظرُ النَّاسَ، فقلتُ له: مِثلُكَ يجلسُ في هذا الوقتِ ولا يسعى في مصالحِه، والموسمُ تُغتَنمُ أيامه! فقال: والله مالي فيه حاجة، ولا معي ما أُتعبُ نفسي فيه، فأجلسُ لأتفرَّجَ على سَعي النَّاسِ فيما لا يُفيدهم، قلتُ له: وما ذاك؟ قال: أنظرُ إلى بعضِ النَّاسِ يدخلُ من هذا البابِ بجدٍّ واجتهادٍ حتى أقولَ: إنه في شغلٍ عظيم، فإذا وصلَ إلى البابِ الآخرِ رجعَ على عَقِبه، ثمَّ يذهبُ إلى البابِ الآخر، ثمَّ يرجع، ولمَّا رأيتُ ذلك سألتُه، فقلتُ له: ما خبرُك؟ فقال: مالي هناكَ شيء أطلبُه، غيرَ أنَّ نفسي لا تدَعُني أستقرُّ.

قال ابنُ فرحونٍ (٣): وكانت تحتَه خالتي: الشَّريفةُ مباركةُ بنتُ عبدِ الواحدِ الحسيني، فقلتُ له يومًا: يا شهابَ الدِّين، لِمَ لا تشتري لأولادِكَ دارًا، أو نخلًا يكونُ لهم سِترًا من بعدِكَ؟ فقال لي: تعلمُ أني أتحقَّقُ أنَّها تتزوَّجُ بعدي، وكذا ابنتي، وأمَّا


(١) نصيحة المشاور "١٨٢.
(٢) في "نصيحة المشاور": عليهم.
(٣) نصيحة المشاور " ١٨٢ - ١٨٣.