للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولدي فلَهُ اللهُ، فإنْ كانَ شقيًّا فلا ينفعُه ما أتركُه، وإنْ كانَ سعيدًا فلا يضرُّه أنْ لا أتركَ شيئًا، ثمَّ إنَّه اشترى لهم دارًا ونخلًا، فكان الأمرُ مِن بعدِه كما قال سواءً، تزوَّجتْ امرأتَه، ثمَّ تزوَّجت ابنتُه بأخي عليٍّ، فسعِدَت معه، وولدتْ منه أولادَه النُّجباء، وأمَّا ابنُه محمَّدٌ، فلم ينتفعْ بما وَرِثَه، وكانَ الشِّهابُ من الشُّيوخِ العارفين؛ الذين في كلامِهم عظة للمتَّعظين، مات سنة تسعةَ عشرَ وسبع مئة.

ذكره المجدُ، فقال (١): مِن قدماءِ المجاورين، المشهورِ بالعِفَّةِ والدِّين، والتَّوكُّلِ واليقين، وسلوكِ طريقِ العارفين، وبذلِ الوعظِ والنُّصحٍ للمتَّعظين، والغرامِ بالتئامِ الإخوانِ ولو غَرِمَ فيه المئين، والاقتناعِ بما يفتحُ اللهُ تعالى عليه، وتسوقُه يدُ القِسمةِ والتقدير إليه. قيل له: لمَ لا تشتري لأولادِك نخلًا ودارًا، يكونُ لأولادِك وأهلِك منزلًا [وَ] وِجَارًا (٢)؟ فقال: أمَّا زوجتي فما أشكُّ أنَّها تتزوَّجُ بعدي، وأمَّا السَّعيدُ مِن ولدي فلا يضرُّه أنْ [لا] أتركَ له شيئا مِن عندي، وأمَّا الشَّقيُ منهم فلا ينتفعُ بالموروث مني بَعْدَ بُعْدِي، وعلى ذلكَ جرتِ الحال، وصدقَ الشَّيخُ فيما قال. تزوَّجتْ صاحبته (٣) بعدَه، وولدُه السَّعيدُ لاقى سَعدَه، والآخرُ قعدَ به الدَّهرُ شَرَّ قعدة (٤)، وصدقَ فيه الزَّمان وَعْدَه. وسيأتي محمَّدُ بنُ بالغٍ في المحمَّدين.


(١) المغانم " ٣/ ١١٦٣ - ١١٦٤.
(٢) مسكنًا ومأوى. "القاموس": وَجَرَ.
(٣) في الأصل: ساعته، وهو خطأ.
(٤) لو قال المؤلِّف: قعد به عمله، لكان أسلم؛ لأنَّه نسب الفعل إلى الدهر، وقد نهانا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- " عن سبِّ الدهر، كما في الحديث القدسي: "يؤذيني ابنُ آدمَ، يسبُّ الدَّهرَ، وأنا الدَّهرُ، أُقلِّبُ اللَّيلَ والنَّهارَ". أخرجه البخاري في كتاب التوحيد ١٣/ ٤٧٢.