للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وثارَتْ فِتنٌ بينَهم وبينَ بني عمِّهم، في عامِ تسعٍ وسبعين، وبلغَ التَّحريشُ مِن الشَّيطانِ اللَّعين البِلَغين (١)، وكم مرَّةً أقامَ الحربَ بينهم على ساق، ودارَت كؤوسها بينَ حَاسٍ (٢) وساق، والتهبَتْ لظَى القتالِ في أيَّامِ المواسم، وتصادُمِ المحامل، واغتصاصِ المدينةِ وظواهرِها بالزَّواملِ واليَعامِل (٣)، فخاضوا في غمارِ الحربِ للجِلادِ مُستَقْتِلين، واندفعوا في تيَّارِ الطَّعنِ والضَّربِ بالمنايا مُستبسلين، واتَّصلت بينهم الحَملات، وتوالَت منهم الضَّربات، وهبةُ وأوَلادُه لم يبلغوا العشرين، وعطيَّةُ وأحفادُه مُنيفين على السِّتين، فازدحموا عليهم إلى أنْ كادوا يأخذونهم (٤) مِن فوقُ ومِن قُدَّام، والرِّماحُ تَنقدُهم (٥) ما بينَ لحومٍ وعظام، فودَّعوا الرَّاحات، واستودعوا الجِراحات، ويبسِت على مقابضِ السِّلاحِ الرَّاحات، وأنزلَ الله إذ ذاكَ نصرَه، وشيَّدت مواهبُ الله بتأييدِ هبةَ قَصرهَ (٦)، وحملَ (٧) عليهم بعزمتِه المُبيرة (٨)، وهِمَّتِه الأثيرة، وأسمعَهم منادي النُّصرةِ: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً} [البقرة: ٢٤٩]، وكمْ مرَّةً حشدوا العربَ، وجمعوا الجموع، ونزلوا على المدينةِ واستغزروا العيونَ بالدُّموع،


(١) يقال: بلغَ البِلَغين للأمر الذي بلغ كلَّ مبلغٍ لشدَّته. "القاموس": بلغ.
(٢) أي: شارب. حسا: شرب. "القاموس": حسا.
(٣) اليَعامل: جمعُ يَعْمَلة، وهي النَّاقةُ النَّجيبةُ، المطبوعةُ على العمل. "الصحاح": عمل. ووقع في "المغانم" المطبوعة: البغال، وهو تحريف.
(٤) في المخطوطة: "يأخذوهم"، وهو خطأ.
(٥) أي: تمييزهم، والنقدُ: تمييز الدراهم وغيرها. "القاموس": نقد.
(٦) كذا في المخطوطة، وفي مطبوعة "المغانم": "في صرمه"، وكأنها أصحُّ.
(٧) في الأصل: "وهزم"، وصوبت في الهامش إلى: "وحمل".
(٨) المُبير: المُهلك. أباره اللهُ: أهلكه. "لسان العرب": بور.