للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهو والدُ أبي رقية عسكرٍ (١)، ولم يلِ.

وقالَ المجدُ (٢) عَقِبَ ما صدَّرتُ به أوَّلًا: كان أميرًا خيِّرًا، صعِدَ مِن الاحتشامِ أعلى مرقَى، وتمسَّكَ مِن سديدِ الرَّأيِ وحميدِ العقلِ بالعُروة الوثقى، واحتمى مِن المهابةِ العظيمةِ الزَّائدةِ بها بالمِجَنِّ الأوقى، وتدرَّعَ مِن الشَّجاعةِ بما خلَّدَ (٣) به ذِكرَه على وجهِ الدَّهرِ وأبقى، وَليَ أمارةَ المدينةِ في عامِ ستٍّ وثلاثين وسبعِ مئةٍ، فإنَّه وردَ في ذي القَعدةِ مثالٌ شريفٌ ناصريٌّ إلى القاضي شرفِ الدِّينِ، مضمونُه: أنَّا قد فوَّضنا أمارةَ المدينةِ إلى الأميرِ أبي مزروعٍ، وُدَيِّ بنِ جمازٍ، وقد كتبنا له بذلكَ تقليدًا، فَتُمَكَّنُ نُوَّابُه مِن المدينةِ، وتَمنعُ آلَ منصورٍ أنْ يتعرَّضوا لأذيةِ النَّاس، وأنْ يُمسكوا شيئًا مِن جمالِ السَّواني (٤) للارتحالِ عليها.

فخرجَ آلُ منصورٍ مِن المدينةِ إلى الباديةِ، ولم يتعرَّضوا لشيءٍ مِن جمالِ السَّانيةِ، فجهَّزَ الوزيرُ ما كانَ عندَهم من الأحمالِ والأوقارِ (٥)، وحملَ ذلك، وسارَ بأهلِه وأولادِه على أبقارٍ، ثمَّ وصلَ وُدَيٌّ عَقِبَ ذلك، وقُرئَ منشورُه، واستقامتْ أمورُه، إلى أنْ تُوفيَ الملكُ النَّاصرُ، في شهرِ ذي الحجّةِ، سنةَ إحدى وأربعين، فتوجَّهَ إلى مِصرَ لاختلافِ الدَّولةِ، وتكدُّرِ


(١) قال ابن فرحون: وكان ولده عسكرٌ أعظم منه في هذه الأوصاف كلها، توفي رحمه الله في حياة والده بالمدينة المشرفة، في سنة اثنتين وأربعين، وسبع مئة. "نصيحة المشاور"، ص: ٢٥٦.
(٢) "المغانم المطابة" ٣/ ١٣٠٩.
(٣) في المخطوطة: "خلا"، وهو تحريف، والتصويب من "المغانم".
(٤) السَّواني: جمعُ سانيةٍ، وهي الإبلُ التي يسقى عليها. القاموس: سني.
(٥) الأوقارُ: جمعُ وِقرٍ، وهو الحِملُ الثقيل. القاموس: وقر.