للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أموالِ النَّاسِ، ولذا كانَ القضاةُ لا يتوقَّفونَ في قَبولِ شهادتِه، وكذا لم يكنْ يتناوَلُ ما شُرطَ له في الأوقافِ على النَّظرِ، بخلافِ سائرِ الشُّيوخِ، مع اجتهادٍ زائدٍ، ومُثابرةٍ على سماعِ الحديثِ، وكُتبِ العلمِ، والرَّقائقِ، وحرصٍ على الصَّلواتِ في الصفِّ الأوَّلِ، وهيبةٍ على أصحابِه، بحيثُ انصلحَ به كثيرٌ مِن شأنِهم، وتأدَّبَ به كَثيرٌ من شُبَّانِهم وصبيانِهم، وصارتْ له هَيبةٌ في النَّاسِ، وخفارةٌ، وحفِظَ الحرمَ حِفظًا حسنًا، وصادفَ وقتًا سيِّئًا، جرى فيه على الشَّدِّ، وزادَ على الحدِّ، حتَّى ضاقتْ عليه الأنفسُ مِن غيرِ جماعتِه، وسعَوا في حَلِّ ولايتِه، وإنَّما أُتيَ مِن قوَّةِ نفسِه، واستبدادِه برأيِه، وكأنَّه لم يسمعْ قولَ القائلِ:

ولنْ يهلكَ الإنسانُ إلا إذا أتى … مِن الأمرِ ما لم يَرضهُ (١) نُصحاؤُه

ماتَ في ليلةِ سابعَ عشرَ مِن رمضانَ، سنةَ إحدى وثمانين وسبعِ مئةٍ، قالَه ابنُ فرحونٍ (٢)، ومنه لخَّصَ شيخُنا في "دُرَرِهِ" (٣) ترجمتَه، واستقرَّ بعدَه في المشيخةِ مُقبلٌ الشِّهابيُّ، وقالَ المجدُ (٤): إنَّه وَلِيَ المشيخةَ في السَّنةِ المشارِ إليها بحكمِ انقطاعِ العزِّ دينارٍ إلى العُزلةِ والعبادة، وضعفِه عن


(١) في الأصل: "ما لا يرضى"، وهو غير موزون.
وهو للمنتصر بن بلال في "روضة العقلاء"، ص: ٥٠، و"لباب الآداب"، ص: ٢٨ بلا نسبة، وقيل: هو لصالح بن عبد القدوس، كما في "تاريخ دمشق" ٢٣/ ٣٥٤، وبعدَه:
وأقللْ إذا ما قلتَ قولًا فإنَّه … إذا قلَّ قولُ المرءِ قلَّ خطاؤه
(٢) "نصيحة المشاور"، ص: ٤٩.
(٣) "الدرر الكامنة" ٤/ ٤٠٨.
(٤) "المغانم المطابة" ٣/ ١٣١٥.