للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المباشرةِ، ومُراعاةِ الأمورِ المعتادةِ، فقامَ بحُرمةِ المنصبِ أحسنَ قيامٍ، وأَقعدَ بهَيبتِه عن الحراكِ طوائفَ اللِّئام، واستغرقَ في حفظِ الحرمِ وخفارتِه (١) اللَّياليَ والأيَّام، ويرجعُ إلى عِفَّةٍ ودينٍ، وورعٍ وصلاةٍ وصيامٍ، لم يتركْ صومَ الاثنين والخميسِ منذُ أعوام، وخدمَ الملوكَ خمسًا (٢) وعشرين سنةً، فلم يتناولْ في جامكيتِه (٣) ما فيه شبهةُ حرامٍ، وإنَّما يتناولُ مِن جِزيةٍ لا يشكُّ في حِلِّها إمام، وكانَ مُعدَّلًا، مقبولَ الشَّهادةِ عندَ القُضاةِ والحُكَّام، فلمَّا وَلِيَ المشيخةَ بالغَ في بسطِ الهيبة، وأفرطَ في ضبطِ العَيبة (٤)، حتَّى ذكرَ كلُّ أحدٍ عَيبَه، وشانوا شأنه بالاستبدادِ والاستقلال، وتركِ مراجعةِ الأصحابِ في أكثرِ الأحوال، ولم يكترثْ بجماعتِه ولا يخطِرون منه ببال، بل يركبُ الأمورُ تقدَمِيَّةً بلا معاودةِ أحدٍ ولا سؤال، فاستنتجَ مِن ذلك الاعتلالَ والاختلال، ونفرَ منه بعضُ الخواطر وعنه مال، وتكرَّرَ في ذلكَ مِن النَّاسِ المقال، فعُزلَ ووُلِّي مكانَه السَّاقي إقبال، فلم يُقابَلْ بقَبولٍ يُمكِّنُه مِن الاهتبالِ (٥) في الاقتبال، فلم يكنْ إلَّا كَلَا وَلَا وقد جاءَ عزلُه وإعادةُ ياقوتٍ إلى ما كانَ عليه مِن الحال، واستمرَّ فيه إلى أنْ جاءَ أمرُ الله بالارتحال، فتُوفِّيَ في التَّاريخِ المذكور، ولم يُفطر.


(١) أي: منعه وإجارته. "القاموس": خفر.
(٢) في المخطوطة: "خمسة"، وهو خطأ.
(٣) الجامكيَّة: المُرتَّبُ. "المعجم الذهبي" (فارسي عربي)، ص: ١٩٨.
(٤) أصلُ العَيبةِ: ما يُجعل فيه الثياب. اللسان: عيب. والمراد هنا: حفظُ الغلَّات.
(٥) الاهتبال: الاغتنام. "الصحاح": هبل.