للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المِرَارِ قَالَ لهُ: اكشف لي عن مسألةِ كَذَا وكَذَا، وأعلمني، فذهبَ وفتحَ مَظِنَّةَ المسألةِ فوجدَ جميعَ أوراقِ الكتابِ أبيضَ لَيس (١) فيه حرفٌ، ثُمَّ فتحَ كتابًا آخرَ فوجدَهُ كَذلكَ، حَتَّى نظرَ في كُتبِهِ كُلِّهَا فوجدَهَا صحائفَ بيضاءَ.

فرجعَ إلى الشَّيخِ وهو مرعوبٌ ممَّا رأى، فأخبرَهُ خبرَهُ، فقالَ الشَّيخُ: الآنَ صفا قلبُكَ وصحَّ توجُّهُكَ، وصدقَ طلبُكَ، اُدخلِ الخلوةَ. فدخلَ الخلوةَ فأقامَ أربعينَ يومًا، ثُمَّ خَرجَ وهُوَ جوهرةٌ لمَّاعةٌ أضاءت أنوارُ الهدايةِ أَبصارَهُ وأسماعَهُ، فكَانَ منهُ مَا كَانَ، وتيسَّرَ لَهُ مِن المراتبِ العليَّةِ مَا يقفُ دونَ شرحِهَا الإمكان (٢).

وعَاشَ الشَّيخُ يَحيَى حَتَّى تَتَعْتَعَتْ (٣) سِنُّهُ وتَقَعْقَعَتْ شَنُّهُ (٤)، وكَانَ في أوائلِهِ كُلَّمَا سمعَ حكايةً … وساقَ معنى مَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ أرَّخَ وفاتَهُ.

وقَالَ ابنُ صالح: لَهُ سياحةٌ ورَأى كثيرًا مِنَ العلماءِ والفُضلاءِ والصالحينَ، ولَهُ روايةٌ، ومَاتَ بالمدينةِ الشريفةِ، وتَركَ ثلاثَ بناتٍ تزوَّجَ إحداهُنَّ الشَّريفُ الهدويُّ والأخرى عبدُ السلامِ والثالثةَ بهاءُ الدينِ الحجَّارُ.


(١) في الأصل: "له"، والتصويب من "المغانم المطابة" ٣/ ١٣١٦.
(٢) في الأصل: "الأمان"، والتصويب من "المغانم المطابة" ٣/ ١٣١٦.
(٣) تتعتع: تردَّدَ في كلامه من حصرٍ أو عيِّ. القاموس ص: ٧٠٧. مادة: (تعع).
(٤) أصلُ الشَّنِّ: القِرْبةُ الخَلَقُ الصغيرة، وتقعقع: اضطرب ويبس، ففي هذا كناية عن شدَّة ضعفه، وفي المُثَل: ما يُقَعقَعُ له بالشِّنان: يُضرب لمن لا يتَّضعُ لحوادث الدَّهر، ولا يروعه ما لا حقيقة له. القاموس مادة: (شنن) ص: ١٢١٠، مادة: (قعع) ص: ٧٥٤.