للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أشياءَ، منها دخولُه في قضيةِ ابَن مطرِّفٍ في العِهْن (١)، فإنَّه أثبتُ له محضرًا مُشتملًا على أنَّ بيعَ علي للعِهْن كان، وهو في الحبسِ قَهرًا وغَصبًا، وأنَّ البيعَ باطل، فلمَّا أثبتَ التَّادليُّ المحضرَ لنافعِ بنِ عليِّ بنِ مطرفٍ، توجَّهَ إلى رباط الفخرِ، وأخذَ جميعَ ما فيه من التَّمرِ، فغضبِ القاضي، ولم يخرجْ لصلاةِ الظُّهرِ، بل ولم يأتِ يومَ الجمعةِ إلا بكَلَفةٍ، بعدَ تدخُّلٍ من مانعٍ المذكور، وذلك في سنةِ سبعٍ وثلاثين وسبعِ مئةٍ، فعزلَه، واستنابَ الجمالَ المطريَّ.

وكذا ذكرَهُ المجدُ في "تاريخها" (٢)، فقال: كان إمامًا عالمًا بارعًا، وفقيهًا فاضلًا فارعًا، تبحَّر في الأصولِ والفروع، وجمعَ بينَ المعقولِ والمشروع، والمفهومِ والمسموع، مع الورعِ المتين، والدِّينِ المكين، وسلوكِ منهاجِ العلماءِ المتَّقين، شرحَ "رسالةَ ابنِ أبي زيدٍ" شرحًا بديعًا ممتعًا جامعًا، وشرحَ "عمدةَ الأحكام" شرحًا على سائرِ شروحِه فارعًا، ووضعَ على "تنقيح القرافيِّ" كتابًا ما عرفْنا أحسنَ منه وضعًا، وأمكنَ منه واضعًا، على أنَّ تآليفه كلَّها نجومٌ لوامع، وتصانيفَه جميعَها بدورٌ سواطع، وللغرائبِ جوامع، ومع ذلكِ نقمَ عليه القاضي شرفُ الدِّين، لكونِه أثبتَ محضرًا لنافعِ بنِ مطرِّف يشتملُ على أنَّ العِهْن قد باعَه صاحبُه في الحبسِ مقهورًا، مغصوبًا مستضامًا، فغضبَ القاضي غضبًا لم يغضبْ مثلَه، وتركَ الصَّلاةِ بالنَّاسِ أيامًا، ولم يحضرْ يومَ الجمعةِ إلا بعدَ لَأْيٍ (٣)، وعزلَ التَّادليَّ عن نيابتِه، واستنابَ عِوضَه الشَّيخَ جمالَ الدِّينِ


(١) العهن: الصوف. "القاموس": عهن.
(٢) المغانم المطابة في معالم طابة" ٣/ ١١٧٥.
(٣) أي: سعيٍ وشدَّة. "القاموس": لأي.