للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخرجُوا أبَا بكرِ بنَ أبِي سَبرةَ، فحملُوهُ حَتَّى أجلسُوه عَلَى المنبرِ وأرادُوا كَسرَ قيودِهِ، فَقَالَ لهُم: ليسَ عَلَى هَذَا فوت دَعُوني حَتَّى أَتكلَّمَ، فتكلَّمَ فِي أسفلِ المنبرِ، فحمدَ اللهَ وأَثنَى عَلَيهِ وحَذَّرَهُم الفتنَةَ وذَكَّرَهُم مَا كَانُوا فيهِ، ووصَفَ عفوَ المنصورِ عنهُم وأَمَرَهُم بالطاعَةِ، فأقبلَ النَّاسُ عَلَى كَلامِهِ، وتَجَمَّعَ القُرَشِيُّونَ فخرجُوا إلى عبدِ الله بنِ الربيعِ فضمِنُوا لَهُ مَا ذَهَبَ لَهُ ولجندِهِ، وكَانَ قَدْ تَأمَّرَ عَلَى السُّودَان وثيقٌ الزِّنجِيُّ، فمَضَى إليهِ رجلٌ من الكبارِ فلمْ يَزَلْ يخدَعُهُ حَتَّى دَنَا منهُ فَقَبَضَ عَلَيهِ وأَمَرَ مَنْ مَعَهُ فأوثقُوهُ فِي الحديدِ، وَرَدَّ ابنَ الربيعِ فدخلَ المدينةَ وغرِمُوا لجندِهِ، ورَجَعَ أبو بكرٍ إلى الحبسِ حَتَّى قَدِمَ جعفرُ بنُ سُليمانَ فأطلَقَهُ وأكَرَمَهُ ثُمَّ صَارَ إلى المنصورِ فاستقضَاهُ (١).

وأشَارَ ابنُ حزم (٢) فِي "الجمهرةِ" (٣) إلى ذَلِكَ فَقَالَ: إنَّ أبَا بكرِ بنَ أبِي سَبْرَةَ خَرَجَ مَعَ محمدِ بنِ عبدِ الله بنِ الحسنِ بالمدينةِ فسجَنَهُ عِيسَى بنُ مُوسَى وقَيَّدَهُ، ثُمَّ قَالَ: وكَانَ منهُ أيامَ قيامِ السُودَان بالمدينةِ أَثَرٌ محمودٌ في دُعَاءِ النَّاسِ إلى الطاعَةِ، ثُمَّ رَجَعَ إلى السجنِ وأبى أنْ تُفَكَّ قيودُهُ، فَعَفَى عنهُ المنصورُ وولَّاهُ قَضَاءَ بغدادَ، انتهى. وقَالَ ابنُ سعدٍ (٤): كَانَ كثيرَ العِلمِ والسَّماعِ والرِّوايةِ، وَلِيَ قضاءَ مَكَّةَ لزيادِ بنِ عُبيدِ الله الحارِثِي، وكَانَ يُفتِي بالمدينةِ، وقَدِمَ بغدادَ وماتَ بِهَا وهُوَ عَلَى قضاءِ المهديِّ سنةَ اثنتينِ وسِتِّينَ


(١) "تاريخ بغداد" ١٤/ ٣٦٨، و"سير أعلام النبلاء" ٧/ ٣٣٢.
(٢) في الأصل: "ابن حمزة"، وهو خطأ.
(٣) "جمهرة أنساب العرب" ١/ ١٦٩.
(٤) "الطبقات الكبرى" القسم المتمم ص: ٥٨٨ - ٥٩٠.