للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالَ ابنُ فَرحون (١): وكانت لهُ سابقة (٢) في مجاهدةِ الفرنجِ بالأندلسِ، حتى كانَ لا يزالُ يَعدُّ الوقائعَ والحروبَ، وما جرى لهم من النَّصرِ على أعدائِهِم، ويذكرُ مَنْ كانت له شجاعةٌ وفروسيةٌ وفتكٌ في النَّصارَى، معَ حُسنِ التَّصويرِ في كلامِهِ، بحيثُ يَسْتَلِذُّ السامعُ بحديثِهِ. فلذلكَ كانَ بيتُهُ المشترك بينه وبين رفيقِهِ أبي عبدِ الله محمدٍ الخرَّازِ لا يزالُ بالأخيارِ معمورًا، وأكثرُهُم من خيارِ الخُدَّامِ، وكان لهم أورادٌ وأذكارٌ مُقدرةٌ في أوقاتٍ معلومةٍ، ولا يزالُ والدي ونظراؤُهُ يأتُونَهُم بعدَ العِشَاءِ للذِّكرِ، وقراءةِ المسبعاتِ، حتى يمضي جزءٌ من الليلِ، واتّحدَ بسببِهِم حالُ المجاورين والخدَّامِ، وحصلَ بينهم إخاءٌ، وارتفقَ بعضُهُم ببعضٍ في الدِّينِ والدُّنيا، وكانَ من خصالهم الجميلةِ أنَّهم يتفقدونَ المساجدَ الشهيرةَ فيعمرونَهَا، ويساعدُهُم الخُدَّامُ بأنفسِهِم وخدَمِهِم وبأطعماتِهم ويجعلونَهَا نزاهاتٍ، وهي في الحقيقةِ عباداتٌ. كانُوا إذَا نزلَ الغيثُ وأصابَ أُحدًا يخرجون إلى سيدنَا حمزةَ عمِّ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فيبيتونَ عندَه بالقُبةِ في صلاةٍ وعبادةٍ وذكرٍ (٣)، يجتمعُ معهُم جُلُّ الخُدامِ، والمجاورين، ورؤساءُ


(١) "نصيحة المشاور" ص: ١١٤.
(٢) في الأصل: "شاهدة" والمثبت من "نصيحة المشاور" ص: ١١٥.
(٣) البناء على القبور منكر، وهكذا تجصيصها؛ ووضع الزينات عليها، أو الستور، كله منكر وهو وسيلة إلى الشرك، فلا يجوز، وكذلك وضع القباب أو الستور، أو المساجد عليها أو السرج، والجلوس عندها، والتهاليل، وأكل الطعام، والتمسح بالقبر، أو الدعاء عند القبر، أو الصلاة عند القبر، كل هذا منكر، وكله بدعة، فلا يجوز، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" متفق على صحته، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك" رواه الإمام مسلم في الصحيح. ولأن الصلاة عند القبر من وسائل الشرك والغلو في أهل القبور.