للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المؤذنين، وفضلاءُ المدرسين، وعامةُ النَّاسِ من فقيرٍ مجاورٍ أو مدنيٍّ، يكونُ لهم خادمٌ حتى إنَّه لم يبقَ في المدينةِ من أهلِهَا إلَّا القليلَ، فيخرجُ كُلُّ جماعةٍ بما يقدرون عليه من الأطعمةِ الفاخرةِ وغيرِهَا، ويأتي الخُدامُ بأنواعٍ من الحلوى والأطعمةِ الملونةِ (١) فتكونُ ليلَتُهم في الذِّكْرِ والعِبَادَةِ تَعْدِلُ ألفَ ليلَةٍ (٢)، لما اشْتَمَلَتْ عليه من خيراتِ الدَّارين. وكانَ جماعَةُ الفُقَرَاءِ وشيوخُهم: الشيخُ علي وأخوه الشيخُ محمَّد الخرَّازانِ يحمِلُون مَعَهم القِرَبَ، يَظُنُّ النَّاسُ أنها ماءٌ، وهي مَلأَى من طبيخِ الرُّزِّ والبَسِلَّاءِ، يُعِدُّونَهُ للفقراءِ الَّذِين يتِّبِعُونهم ويخرُجُونَ مَعَهُم، ثُمَّ يَلْحَقُهُم مدَدُهم ممَّنْ تأخَّرَ عنهم في صبيحةِ ليلَتِهم، فإذا أصبَحُوا وصَلَّوُا الصُّبحَ سَرَحُوا إلى الجبلِ فَطلَعُوا فيه جماعاتٍ جماعاتٍ، ولهم فيه مقاماتٌ يجلسون بها، فموضعٌ للطعامِ وآخرُ في وسطِهِ متسعٌ للحلوى والأطعمةِ المحلاةِ وآخرُ لأنواعٍ من المحمَّضَاتِ والحِرِّيفاتِ (٣) حتَّى إذا انتهوا إلى رأسِهِ صلوا في تلكَ المساجدِ واجْتَمَعُوا لقِرَاءَةِ القرآنِ والدُّعاءِ والذِّكرِ. وكانَ لمحمدِ بنِ إبراهيمَ في تلكَ المواطنِ عملٌ عظيمٌ وتذكيرٌ، فتراهم يبكونَ ويتواجدونَ (٤)، وتَظْهَرُ عليهم آثارُ الرَّحْمَةِ وذكرِ الله لهُم فِيمَنْ عندَهُ، رَحِمَهُمُ اللهُ، ثُمَّ بعدَ ذلكَ ينزِلُونَ إلى عند المِهْرِاسِ (٥)،


(١) في الحاشية بخط الأنصاري: "على ما اعتاده أهل المدينة يوم زيارة سيدنا حمزة وأول من أحدث ذلك فصار العمل عليه إلى الآن".
(٢) هذا لا أصل له ولا دليل عليه، بل العمل به وسيلة للشرك وهو من الغلو في أهل القبور.
(٣) الحَرَافَةُ: كُلُّ طَعَامٍ يُحْرِقُ فَمَ آكِلِه بحَرَارَةِ مَذَاقَهِ حَرِّيفٌ. تاج العروس مادة (حرف).
(٤) التواجد: استدعاء الوجد تكلفًا.
(٥) المِهْراس: ماءٌ بأُحُدٍ. روِيَ أنَّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عَطِشَ يومَ أُحُد؛ فجاء عَلي -رضي الله عنه- في دَرَقَتِه بماءٍ من المهْراسِ، فَعافَه وغَسَلَ به الدَّمَ عن وَجْهِه. "المغانم" ٣/ ١١٠٨.