للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأقْصُري (١)، وعبدَ الرَّحيمِ القِنَائي (٢) وغيرَهما من السَّادات، واختصَّ بالشَّرفي ابنِ الجَيعان (٣)، وسمعَ عليه الشَّرفُ، بعضَ تصانيفَ شيخَهما ابنِ المجدي، بل قرأَ عليه، وأقرأ أولادَه، فعُرِفَ بصُحبتِهم، وانتفعَ بمدَدِهم، ولكنْ لم يتوجَّهوا إليه في أمرٍ يليقُ به، بلى قد ولِيَ مشيخةَ رواقِ ابنِ مَعْمَرٍ بجامعِ الأزهر، في سنةِ ستٍّ وخمسين، عقِبَ الشَّمسِ ابنِ المناويِّ التَّاجر، وقراءةَ الحديثِ بتربةِ الأشرفِ قايتباي، وتنزَّلَ في الجهات، وجلسَ مع بعضِ الشُّهودِ مِن طلبتِه وقتًا، وكذا مع آخرينَ ببُولاقَ، وعُرِفَ بالبراعةِ في الفرائضِ والحسابِ، والتَّقدُّم في العملياتِ والمساحةِ، وتردَّدَ إليه الفضلاءُ لأخذِ ذلك، ولكنَّه لم يَتصدَّ له، ولو فعلَ لكانَ أولى به، وكتبَ على كلٍّ من "مجموعِ الكلائيِّ" و"الرَّحبية" شرحًا (٤)، وكان فاضلًا، حاسبًا فرضيًا، خيِّرًا مُتقشفًا، متواضعًا طارحًا للتكلُّفِ، مُمتهنًا نفسَه مع المشارِ إليهم، كثيرَ المحاسن، تعلَّلَ مدَّةً بعدَ أن سقطَ، وفُسخَ عَصَبُ رِجلِه الأيسرِ، بحيثُ صارَ يمشي على عُكَّاز، واستمرَّ متعلِّلًا حتَّى ماتَ في آخرِ يومِ الأربعاءِ ثامنِ شهرِ رجبٍ، سنةَ خمس وثمانين


(١) قبر الأقصري بالصعيد، وهو أبو الحجاج الأقصُريّ يوسفُ بن عبد الرحيم بن غُزي القُرَشي، وهو الزاهد المعروف، توفي سنة ٦٤٤ هـ.
"سير أعلام النبلاء" ١٦/ ٤١٣.
(٢) أي: زار قبر القنائي، وهو عبدُ الرَّحيمِ بنُ أحمدَ بنِ حجود، الحسنيُّ، القنائيُّ، أحد الزهاد المشهورين، توفي سنة ٥٩٢ هـ.
"طبقات الأولياء" لابن الملقن ٤٤٣.
(٣) شرفُ الدِّينِ، يحيى، ابنُ الجيعان، توفي سنة ٨٨٥ هـ. مستوفي ديوان الجيش بمصر، له كتاب: "التحفة السنية بأسماء البلاد المصرية". طبع ببولاق.
(٤) كلاهما في الفرائض.