للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مطعونًا في رابعَ عشرَ رمضانَ سنةَ تسعٍ وستين وسبعِ مئةٍ، ودُفِنَ خارجَ بابِ النَّصرِ في حوشِ تُربةِ الجَمالِ الإسنويِّ، وذكرَه الوليُّ العراقيُّ في "وفياتِه" أيضًا، وأنَّه هو ووالدُه والهيثميُّ ممَّن سمعَ منه، وقال: إنَّ "نُكتَه على المنهاجِ" كثيرُ الفوائدِ، و "اختصارَه للكفايةِ" حسن، وإنَّ الجمالَ كانَ يقول: ليسَ على "المهذَّب" أنفعُ مِن تصحيحِه، قال: وله تصانيفُ كثيرةٌ لم تكملْ؛ كـ"تكملةِ التَّحقيقِ"، و"شرحِ المنهاجِ"، و "تتمةٍ على شرحِ المهذَّب"، وكانَ مِنِ خيرِ أهلِ زمانِه، متينَ الدِّيانةِ، شديدَ الورعِ، عظيمَ الزُّهدِ، طارحًا للتكلُّفِ، متواضعًا، قائمًا بالحقوقِ، كثيرَ الزِّيارةِ لأصحابِه، كثيرَ الإيثارِ والبِرِّ والإحسانِ، مجتهدًا في إخفاءِ ذلكَ، كثيرَ الحجِّ والمجاورةِ، قال: ومعَ هذا كلِّه كانَ كثيرَ الانبساطِ، حُلوَ النَّادرةِ، فيه دُعابة زائدة، حُفِظَ عنه فيها أشياءُ لطيفةٌ، إمامًا في القراءاتِ، معَ طِيبِ النَّغمةِ، وحُسنِ الصَّوتِ، مِصْقَعًا في الخطباءِ، له شِعر في الذِّروةِ، فمِن لطيفِهِ ما أنشدنيه (١):

كيفَ الهوَى ومَشِيبي وَخَطَا (٢) … وحِمَامي دَبَّ نحوي وَخَطَا

أمشِيبٌ وتَصابٍ (٣) بالهوَى … ذاكَ واللَّهِ ضَلال وخَطا

قال: وبالجملةِ فهو مِن كَمَلةِ الرِّجال، ولم يخلِّفْ بعدَه في مجموعِه مثلَه.


= جانب المدرسة كُتّاب للأيتام، وكانت هذه المدرسة من أعظم مدارس القاهرة وأجلها، وقد تلاشت. ينظر: المواعظ والاعتبار.
(١) في ذيل "العبر" ١/ ٢٦٢.
(٢) (خطا) جناس تام، الأول: مِنْ وَخَطَه الشَّيبُ، أي: فشا فيه حتى استولى السواد والبياض ينظر: "القاموس": وخط. والثاني: من الخطو. والثالث: من الخطأ، خلاف الصواب.
(٣) في ذيل "العبر": أمسيت متصاب، والمثبت هنا هو الصواب.