للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المدينةِ تردَّدَ أيضًا في المجاورةِ، فأشيرَ عليه في المنامِ بالحرَكةِ، فسافرَ بعدُ إلى بغدادَ، وزارَ مشهدَ عليٍّ، ثمَّ أبي حنيفةَ، وأقامَ به نحوَ أربعةِ أشهرٍ مشتغلًا بالمذاكرةِ مع فقهاءِ المشهدِ وعلمائِه، وزارَ مَنْ قُبِرَ هناكَ مِن العلماءِ والأكابرِ والصُّلحاءِ، وهَمَّ بالرُّجوعِ إلى الشَّامِ، فاحتالَ رفاقُه حتَّى أخفَوا عنه جميعَ كتبِه، فجاءَ إلى بغدادَ وسكنَ المستنصريةَ (١)، واشتغلَ بالطَّلبِ والمذاكرةِ والإفتاءِ مدَّةَ سنتين ونصفٍ، وممَّنْ أدركَ ببغدادَ: الشَّمسُ الكرمانيُّ (٢)، والشِّهابُ فضلُ الله السِّيرافيُّ الواعظُ، والفخرُ العاقوليُّ، وقرأَ عليه "ثلاثياتِ البخاري"، وكتبَها لهَ غياثُ الدِّينِ الفاضلُ ابنِ المُسمِع، بل كتبَ له الإجازةَ. والعمادُ ابنُ المحبِّ القُرشيُّ، وقرأَ عليه بعضَ "المشارقِ"، وجميعَ "تساعياتٍ" له، وناولَه "مسنَد ابنِ فُوَيْرةَ"، و"المشارقَ" مع الإجازةِ. والجمالُ عبدُ الصَّمدِ بنُ شرفِ الدِّينِ الخضريُّ (٣) قرأَ عليه أحاديثَ كتبَها له تذكرةً منه، وناولَه "جامعَ المسانيد" (٤) لابن الجوزي، وأجازَ له السَّيِّدُ الحسنُ السِّمْنَانيُّ (٥)، والكمالُ الكافي القاضي الحنفيُّ، والشَّمسُ المالكيُّ مدرِّسُ المالكية،


(١) المدرسة المستنصرية: شيدها المستنصر العباسي سنة ٦٣١ هـ. انظر كتاب: "تاريخ علماء المستنصرية"، لناجي معروف.
(٢) محمَّدُ بنُ يوسفَ بنِ عليٍّ، شمسُ الدِّين، الكرمانيُّ، مؤلف شرح صحيح البخاري: "الكواكب الدراري"، ت: ٧٨٦ هـ. "الدرر الكامنة" ٤/ ٣١٠.
(٣) عبدُ الصَّمدِ بنُ خليلٍ الخضريُّ، جمالُ الدِّين، محدِّثُ بغداد، المدرس بالبشيرية، توفي بها سنة ٧٦٥ هـ. "شذرات" ٦/ ٢٠٤.
(٤) اسمه "جامع المسانيد والألقاب"، وهو كبير، لم يطبع.
(٥) بالكسر والسكون ونونين إلى سِمْنان بلد بين الدامغان وخُوَار الرَّيّ. "لب الألباب" ٢/ ٢٨.