للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مشتغلًا إلى بُعيدَ الأربعين، ثمَّ حجَّ أيضًا وجاورَ، وسمع بها على أبي الفتحِ المراغيِّ، والزَّينِ ابنِ عَيَّاش، والجلالِ (١)، والجمالِ (٢)، ابني المرشدي، بل أخذَ عنهما في العربيةِ وغيرِها، وعادَ لبلدِه أيضًا، ثمَّ رجعَ سنةَ ماتَ القَايَاتيُّ (٣)، فحجَّ وجاورَ، وكانت معَه أمُّه، فماتت في رجوعِهما، ورجعَ لبلدِه، ثمَّ عادَ في سنةِ سبعٍ وخمسين فحجَّ، ثمَّ رجعَ، وصارَ يتردَّدُ إلى مكَّةَ حتَّى قطنَها مِن سنةِ أربعٍ وستين، وتزوَّجَ بها، وتصدَّى فيها لإقراءِ العربيةِ والحسابِ، والمنطقِ وغيرِها، فأخذَ عنه غيرُ واحدٍ من أهلِها والقادمينَ عليها، وكذا جاورَ بالمدينةِ غيرَ مرَّةٍ: أوَّلهُا سنةَ سبعين، ثمَّ قطنَها وأقرأَ بها أيضًا، وكانَ يُنكرُ الصَّلاةَ على الموتى بالرَّوضةِ الشَّريفةِ، ومقدَّمِ المسجدِ؛ لكونِ رِجلي الميتِ تصيرُ لجهةِ الرَّأسِ الشَّريفِ (٤)، واستفتَى على ذلكَ، ووافقَه عليه جماعةٌ، حتَّى إنَّه أوصى أنْ يُصلَّى عليه خارجَ المسجدِ في موضعِ الجنائزِ، وأوصى فتحَ الدِّينِ ابنَ تقيٍّ (٥) أحدَ الأعيانِ بأنْ تُجعلَ رِجلاه عن يمينِ الإمامِ، فنُفِّذت وصيتُه. وقدِمَ صاحبُ التَّرجمةِ في غضونِ ذلكَ القاهرةَ أيضًا، فأقامَ بها يسيرًا، وسافرَ منها إلى القدسِ


(١) عبدُ الواحدِ بنُ إبراهيمَ بنِ أحمدَ، الجلالُ، المرشديُّ، توفي سنة ٨٣٨ هـ بمكة. "الضوء" ٥/ ٩٣.
(٢) محمَّدُ بنُ إبراهيمَ بنِ أحمدَ، الجمالُ، المرشديُّ، توفي بمكة سنة ٨٣٩ هـ. "الضوء" ٦/ ٢٤٢.
(٣) سنة ٨٥٠ هـ. والقاياتي: محمَّدُ بنُ عليِّ بنِ محمَّدِ بنِ يعقوبَ، تقدمت ترجمته.
(٤) واستفتى في ذلك جماعة من علماء عصره، منهم السمهوديُّ الذي بسط الكلام في هذه المسألة في "وفاء الوفا" ٢/ ٢٨٧ - ٢٩٠ وذكر ما ورد في كتب الفقه ثم قال مرجحًا: وإذا لم تثبت سنة في جعل رجلي الميت من يسار الإمام فينبغي جعلها عن يمينه في هذا المحل الشريف، استعمالًا لكمال الأدب.
(٥) محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ عبدِ السلام، فتحُ الدِّين، أبو الفتح، ابنُ تقيِّ الدِّين، الكازرونيُّ الأصل، المدنيُّ، الشَّافعيُّ، ولد بالمدينة سنة ٨١٣ هـ، دخل القاهرة غير مرة، وبرع في الفقه والعربية وتصدى للإقراء، توفي سنة ٨٧٧ هـ. ينظر: "الضوء اللامع" ٩/ ١٠٦.