ومن مميِّزاتِ الكتابِ أيضًا: أنَّه معرِضٌ للمنهجِ الثَّقافيِّ الذي تربَّى عليه طُلَّابُ العلم، وتخرَّجَ به العلماءُ الذين تصدروا للتدريسِ في حلقاتِ المسجدِ النَّبويِّ، وأروقةِ المَدارسِ، فهو يعرضُ الكتبَ التي دَرَسُوها، والمتونَ التي حَفِظوها، وتفصيلاتِ العلوم التي حصلوا على إجازاتهم فيها، ويذكرُ أسماءَ الكُتبِ والرَّسائلِ بتفصيلٍ دقيقٍ.
إنَّ هذه المميِّزاتِ وغيرَها ممَّا سيجدُه القارئُ في هذا الكتابِ تجعلُه جديرًا ببذلِ الجُهدِ في تحقيقِه ونشرِه، ليأخذَ مكانَه في المكتبةِ التُّراثيةِ بعامَّةٍ، ومكتبةِ المدينةِ المنوَّرةِ بخاصَّةٍ.
- وأمَّا مؤلِّفُ هذا الكتابِ شمسُ الدِّينِ السَّخاويُّ رحمَه الله، فهو سَليلُ أسرةٍ علميةٍ مرموقةٍ، فأبوه، وجَدُّه وبعضُ أعمامِه وأخوالِه مِن العلماء الذين اشتُهروا في بيئاتهم، لذا كانَ مِن الطَّبيعيِّ أنْ ينشأَ منذُ نعومةِ أظفارِه على آثارِهم، فيتنقلُ بينَ حلقاتِ الشُّيوخِ مِن أقاربِه أوَّلًا، ثمَّ الشُّيوخِ الآخرين في بلدِه، وأهمُّهم ابنُ حَجَرٍ العَسقلانيُّ الذي لازَمَه، وكانَ أقربَ تلاميذِه إليه حتَّى وفاتِه، بعدَها واصلَ السَّخاويُّ طلبَ العلمِ على الشُّيوخِ في مصرِ والشَّامِ والحجاز، حتى بلغَ عددُهم أكثرَ مِن ألفٍ ومئتي شيخٍ.
وقد تركَّزَ اهتمامُه على علومِ الحديثِ والتَّاريخِ والتَّراجم، وبلغتْ حماستُه للتَّاريخِ أنْ صنَّفَ مؤلَّفًا خاصَّاً عنوانه "الإعلان والتَّوبيخ لمن ذمَّ التاريخ".