للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخطَّاب، إجابةً لدعوةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ اللّه يؤيِّدُه به (١)، وكان لا يُرامُ ما وراءَ ظهرِه، فامتنع بهما حتى قال الأعداءُ له: إنْ كنتَ تطلبُ مالًا جمعنا لك ما تكونُ به أكثرَ مالًا، أوالشَّرفَ؛ فنحن نُشرِّفك علينا، أو المُلكَ؛ ملَّكْنَاك عليها، وإن كان الذي يأتيك رَئِيًّا (٢) قد غَلب عليك؛ بذلنا أموالنا في طلبِ الطبِّ لك حتى تبرأ منه، أو نُعذرَ فيك، فقال لهم: "ما بي ما تقولون، ولكنَّ اللّه بعثني رسولًا، وأنزل عليَّ كتابًا، وأمرني أن أكون لكم بشيرًا ونذيرًا، فبلَّغتكم رسالاتِ ربي ونصحتُ لكم، فإنْ تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظُّكم في الدُّنيا والآخرة، وإن تردُّوا عليَّ أصبرْ لأمرِ اللّه حتى يحكمَ اللّهُ بيني وبينكم" (٣).

وأيَّدَه اللّه سبحانه بمعجزةِ القرآن، وبانشقاقِ القمر بالعِيَان، وكفاه أمرَ المُستهزئين مع تماديهم على العِناد ودفعِ اليقين، ولو اختار لدُمِّرُوا وما عُمِّروا، ولكنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يترجَّى هدايتهم، ويتوخَّى إجابتَهم، ويأبى اللّه إلا ما أراده، وأُذِنَ للنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بعد أن عُذِّبَ بلالٌ، بحيث اشتراه أبو بكر، وأعتقَه (٤)، وقُتِلَتْ سُميَّة أمُّ عمَّاِر ابنِ ياسِرِ،


(١) صحيح، أخرجه الترمذي في المناقب، باب مناقب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (٣٦٨١)، وقال: حسن صحيح غريب.
(٢) الرَّئِيُّ: الجِنِّيُّ. "القاموس": رأى.
(٣) حسن، أخرجه أبو يعلى ٣/ ٣٤٩ (٥١)، والحاكم ٢/ ٢٥٣ وصححه، ووافقه الذهبي.
قال الهيثمي: أخرجه أبو يعلى، وفيه الأجلح الكندي، وثَّقه ابنُ مَعين وغيره، وضعَّفه النَّسَائِيّ وغيره. "مجمع الزوائد" ٦/ ٢٠.
(٤) عن عبد اللّه بن مسعود - رضي الله عنه - قال: وهان على قومه فأعطوه الولدان، وأخذوا يطوفون به شعاب مكة، وهو يقول: أحد أحد. حديث صحيح، أخرجه ابنُ ماجه في المقدمة، باب: فضل سلمان وأبي ذر والمقداد ١/ ٥٣ (١٥٠)، وابنُ حِبَّان ٩/ ١٠٧ (٧٠٤١)، والحاكمُ ٣/ ٢٨٤ وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.=