أميرُ المدينةِ، وَليَها بعدَ موتِ أخيه مُنيفٍ، وفي حياةِ أخيهما عيسى، سنةَ سبعٍ وخمسين وستِّ مئةٍ، ثُمَّ انتزعَها منه ابنُ أخيهِ مالكُ بنُ مُنيفٍ، في سنةِ ستٍّ وستين وستِّ مئةٍ، فاستنجدَ عليه صاحبُ التَّرجمةِ بأميرِ مكَّةِ وبغيرِه مِن العُربانِ، وساروا إلى المدينةِ، فلم يَقدروا على إخراجِه منها، فلمَّا أَيِسوا رحَلَ صاحبُ مكَّةَ وغيرُه مِن العُربانِ، وبقيَ جمَّازٌ معَ جماعتِه، فأرسلَ إليه مالكٌ المذكورُ، يقولُ له ما معناه: أراكَ حَريصًا على إِمرةِ المدينةِ، وأنتَ عمِّي وصِنْوُ أبي، وقد كنتَ لي مُعاضدًا ومُساعدًا، ويجبُ علينا أنْ نحترمَكَ، ونَرعى لكَ حقوقَكَ، وقد استخرْتُ اللهَ تعالى، ونزلْتُ لكَ عَن الإِمْرةِ طَوعًا لا كَرهًا، فَسُرَّ بذلكَ، وحمدَ اللهَ على حَقنِ الدِّماءِ وبلوغِ مَقصدِه، واستقلَّ بها مِن يَومئذ، وذلكَ في رمضانَ سنةَ سبعِ مئةٍ، فلمْ تخرجْ عنه إلى أنْ ماتَ، في صفرٍ سنةَ أربعٍ وسبعِ مئةٍ، واستقرَّتْ بيدِ ذُرِّيتِه إلى الآن، وله بنونَ كثيرون؛ فمِمَّن تأمَّرَ منهم: منصورٌ، ووُدَيٌّ. دون: ثابتٍ، وحنيسٍ، وراجحٍ، وسَنَدٍ، وقاسمٍ، ومباركٍ، وسعودٍ، ومسعودٍ، ومُقبلٍ، فلمْ يَلُوا. فلثابتٍ سعدٌ، ولسنَدٍ مَغامسٌ، وسندٌ باسمِه، ولقاسمٍ: جَوشنٌ، وأبو فُليتةَ مُنيفٌ، وقاسمٌ باسمِه، ولمِقبلٍ: ماجدٌ، ومباركٌ، وحسنٌ، ومحمَّدٌ، وعسَّافٌ. ثُمَّ إنَّه لعسَّافٍ عُكاظٌ. وذُكِروا للفائدة، كما في شِيحة.
قال ابنُ فَرحونٍ (١): وكان ذا رأيٍ مُصيبٍ، وكَرَمٍ عظيمٍ على إخوتِه وبنيهم، يُؤلِّفُهم بالعطاءِ الجزيلِ، حتَّى استمالَ قلوبَهم، وقَوِيَ أمرُه بينَهم، وعضَدَه أولادُه. وكانَ إخوتُه ثمانيةً؛ منهم: مُنيفٌ، وعيسى، ومحمَّدٌ جدُّ الفَواطمِ، وأبو رُدَينيٍّ جَدُّ الرُّدينةِ. وأولادُه أحدَ عشرَ، واستمرَّ في الولايةِ مستقِّلًا بها بدونٍ مُنازعٍ مِن يومَ
(١) في "نصيحة المشاور" ٢٤٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute