للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سلَّمَها له ابنُ أخيه مالكٌ، إلى سنةِ سبعِ مئةٍ، فخلعَ نفسَه حينئذٍ، وكأنَّه أُضِرَّ في آخرِ عمرِه، وشاخَ، ونزلَ عنها لولدِهِ أبي غانمٍ منصورٍ، وكانَ ما سيأتي في ترجمتِه.

وأقامَ جمَّازٌ بدارِهِ التي بَناها في عَرصةِ السُّوقِ، المعروفةِ بدارِ حرثَمَةَ، حتَّى ماتَ في صفَر سنةَ أربعٍ وسبعِ مئةٍ، وكانَ قد بنى قلعةً ليتحصَّنَ فيها، ويكشفَ منها ضواحيَ المدينة.

قال ابنُ فَرحونٍ (١): وهو أوَّلُ مَن أدركتُه مِن أمراءِ المدينةِ، وكانَ شجاعاً مَهيباً، سَائساً حازماً، ذا رأيٍ صَلِيبٍ، وهِمَّةٍ عَلِيَّة، ترقَّتْ هِمَّتُه إلى أنْ قصدَ صاحبُ مكَّةَ - وهو الأميرُ نجمُ الدِّين أبو نُمَيٍّ محمَّدُ ابنُ صاحبِها أبي سعدِ بنِ عليِّ بنِ قتادةَ الحسنيَّ (٢) - وحاصرَه، وانتزعَ منه مكَّةَ، فاستولى عليها، وحكَمَ فيها، وأقامَ بها يسيراً، ثُمَّ عادَتْ إلى أبي نُمَيٍّ، وذلكَ في سنةِ سبعٍ وثمانين وستِّ مئةٍ، وكانُ والدُه الأميرُ شِيحةُ متولياً المدينةَ، انتزعَها من الجَمَامِزَة في سنةِ أربعٍ وعشرين وستِّ مئةٍ. كما سيأتي في ترجمته.

وذكره المجدُ، فقال (٣): كانَ بطلاً باسلاً، وعَمَيْثَلاً (٤) مُنَازِلاً، ومَهِيباً سَائِسَاً، وقِلِّيباً حُمَارِسَاً (٥)، وفتَّاكاً ضِرْزِماً (٦)، وسَفَّاكَاً غَشَمْشَمَاً (٧)، وقَرْمَاً (٨) هُمَاماً، وعَبقرياً


(١) انظر: "نصيحة المشاور" ٢٣٣.
(٢) محمَّدُ بنُ حسنِ بنِ عليٍّ، نجمُ الدِّينِ، أبو نُمَيٍّ، الحسنيُّ، انتزعَ إمارةَ مكَّةَ مِن عمِّ أبيه إدريسَ بنِ قتادةَ سنة ٦٧٠ هـ توفي بمكَّة سنة ٧٠١ هـ. "الدرر الكامنة" ٣/ ٤٢٢.
(٣) "المغانم المطابة" ٣/ ١١٨٣،
(٤) أي: جَلْدَاً نشيطاً. "القاموس": عميثل.
(٥) أي: شديداً جريئاً مِقداماً .. "القاموس": قلب، وحمرس.
(٦) أي: شديد العقاب. مأخوذٌ مِن الضرزمة، وهي شِدَّة العضِّ. "القاموس": ضرزم.
(٧) الغَشَمْشَمُ: الذي لا يَثنيه عن مُرادِه شيءَ. انظر: "القاموس": غشم.
(٨) أي: سيداً. "القاموس": قرم.