للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قرابتِه عظيم، وعطاءٍ إلى بني عمِّه عميم، ولم يزل يَبَرُّهُم بالإنعامِ الجزيل، ويغمُرُهم بالنَّوالِ الحفيل، إلى أنِ استمالَ قلوبَهم، وملكَ بجُودِه غالبَهم، ومغلوبَهم. وكانَ أولادُه أحدَ عشرَ ولداً، كأنَّهم أُسُود، منهم: منصور، وسَنَدٌ، ومُقبلٌ، وَوُدَيٌّ، وقاسمٌ، وجَوشنٌ (١)، وراجحٌ، ومباركٌ، وثابتٌ، ومسعودٌ. وكانَ له مِن الإخوةِ ثمانية، يحطِمون ببأسِهم المَخَاطِم (٢) الأُسود، منهم: مُنيف، وعيسى، وأبو رُديني جدُّ الرَّدَنة، ومحمَّدٌ جدُّ الفواطم، ولم يزلْ جمَّازٌ مُستقِلاً في ولايته إلى رأسِ السَّبعِ مئةٍ، فلمَّا وجدَ شمسَ الشَّبابِ قد غربَتْ في عينٍ حَمِئَة، وترفَّعَ السِّنُّ، وتَقَعْقَعَ (٣) الشَّنُّ، وخانَ البصر، وماتَ القُوَى والقُدَر، نزلَ عن المنصبِ لأبرِّ أولادِه منصورٍ، وفوَّضَ إليه أمرَ الإمارةِ بحضورِ الجمهور، وحالفَ النَّاسَ على معاملتِه بالطَّاعةِ والنُّصرةِ والوفَا، وأمرَ أنْ يُخطبَ له بحضرتِه على مِنبرِ هذا النَّبيِّ المصطفى. وقال شيخُنا في "دُرَره" (٤): وَليهَا قديماً بعدَ قتلِ أبيه، وقدِم مصرَ سنةَ اثنتينِ وتسعين، فأكرمَه الأشرفُ خليلٌ، وعظَّمه، وبشفاعتِه أفرجَ عن أميرِ اليَنبعِ، ورضِيَ السُّلطانُ عن أبي نُمَيٍّ صاحبِ مكَّةَ، وحمِدَ السُّلطانُ لجمَّازٍ صنيعَه في ثانيهما، واستمرَّ جمازٌ في إِمرتِها حتَّى طعَنَ في السِّنِّ، وصارَ كالشَّنِّ، وأُضِرَّ، فقامَ بالإِمرة في حيإته لولدِهِ أبي غانم، في ربيعٍ الأوَّلِ سنةَ اثنتين وسبعِ مئةٍ، وماتَ بعدَ جمَّازٍ، إمَّا في صفَر، أو ربيعٍ الأوَّلِ، سنةَ أربعٍ، بعدَ أنْ أُضِرَّ، وكانَ ربَّما شاركَه في الإِمرة أحياناً غيرُه. فمدَّةُ إِمرتِه معَ ما تخلَّلها بضع وخمسون سنةً.


(١) سقط هذا الاسم في "المغانم".
(٢) أي: يضربون مقدَّمَ الأنف والفم. انظر: "القاموس" خطم.
(٣) أي: اضطربَ وتحرَّك. "القاموس": قعع.
(٤) "الدرر الكامنة" ١/ ٥٣٨ - ٥٣٩.