للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إذا تحدَّثَ النَّاسُ إِيشْ يقولون؟ نزلَ خَربندا على الرَّحبةِ، وقاتلَ أهلَها، وسفكَ دماءَهم!

وهدرَها في شهرِ رمضان! فيقولُ النَّاسُ: فما كانَ له نائبٌ مسلمٌ؟ ولا وزيرٌ مسلمٌ؟ وقرَّرَ معه أن يحدِّثَا القانَ خَربندا في ذلك، ويُحَسِّنَا له الرَّحيلَ عن الرَّحبةِ، فدخلا إليه، وقالا له: المصلحةُ أنْ تطلبَ كبارَ هؤلاءِ وقاضيَهم، ويطلبوا منكَ الأمانَ، وتخلعَ عليهم، ونرحلَ بحُرمتِنا، فإنَّ الطابَقَ (١) وقعَ في خيلِنا، وما للمُغل ما تأكلُ خيولهُم، وإنَّما هم يأخذون قشورَ الشَّجرِ ينحِتونها ويُطعمونها خيلَهم، وهؤلاءِ مسلمون، وهذا شهرُ رمضانَ، وأنتَ مُسلمٌ، وتسمعُ قراءتَهم القرآنَ، وضجيجَ الأطفالِ والنِّساءِ في اللَّيلِ، فوافقَهم على ذلك، وطلبوا القاضيَ وأربعةَ أنفسٍ مِن كبارِ البحريةِ، وحضروا قُدَّامَ خَربندا، وخلعوا عليهم، وأعادوهم، وباتوا فما أصبحَ للمغلِ أثرٌ، وأزالوا المناجيقَ وأثقالَها رصاصاً، والطَّعامَ والعجينَ، وغيرَه، وهذهِ الحركةُ تكفيه إنْ شاءَ اللهُ تعالى ذخيرةً ليومِ حسابِه، حقَنَ دماءَ المسلمين ودفعَ الأذى عنهم.

وكان السلطانُ بُو سعيدٍ تزوَّجَ بابنتِه بغدادَ (٢)، وكانَ ابنُه دمشقُ قائداً لعشرةِ آلاف فارسٍ، فزالَت دولتُهم، وزالتْ سعادتُهم، وتنمَّرَ لهم بُو سعيدٍ، وقَتلَ دمشقَ خَواجا وَلَدَهُ، وهربَ أبوه إلى سلطانِ هَراةَ مُستجيراً، فآواه، ثُمَّ أدخلَه القلعةَ، ثُمَّ أشارَ عليه بعضُ المفسدين بقتلِه، فقتله، ونُقلَ في تابوتٍ إلى بغدادَ، في سابع عشر شوَّالٍ سنةَ ثمان وعشرين وسبعِ مئةٍ، وصُلِّيَ عليه في المدرسةِ المستنصرية، فُعلَ ذلكَ


(١) أي: الآجر الكبير. "القاموس": طبق.
(٢) أي ابنة جوبان، وكانت زوجة للشيخ حسن قبل أن يأخذها منه بو سعيد، ويتزوجها عنوة، وبقيت عنده إلى أن توفي، ثُمَّ قتلت سنة ٧٣٦ هـ. "الدرر" ١/ ٤٨٠.