للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بإشارةِ ابنتِه بغدادَ خاتون، وسُلِّمَ إلى أميرِ الرَّكبِ العراقيِّ بمرسومِ السُّلطان أبو سعيدٍ، ليأخذَه معه إلى الحجازِ الشَّريف، ويدفنَه في تربتِه التي بناها في مدرستِه المشارِ إليها، تحتَ الشُّبَّاكِ الذي يَستنشقُ من الحُجرةِ النَّبويَّةِ الرُّوحَ والرَّيحانَ، ويتنعَّمُ مِن شميمِ فوائحِ جوِّها بتنسُّمِ الرَّوضِ والرِّضوان، فلمَّا وصلوا به إلى عرفاتٍ وقفوا به الوَقفةَ، وحملوه في مَحملِ السُّلطان بو سعيد، ودخلوا به ليلاً إلى مكَّةَ، وطافوا به حولَ البيتِ، وصلَّوا عليه، ثُمَّ حملوه معَهم إلى المدينةِ، فلمَّا أرادوا أنْ يدفنوه في تربتِه ما مكَّنَهم صاحبُ المدينة، حتَّى يُشاورَ الملِكَ النَّاصرَ، هكذا ذكرَه بعضُ المؤرِّخين.

وأمَّا الصَّلاحُ الصَّفديُّ فإنه قال (١): لمَّا جَهزتْ ابنتُه بغدادُ تابوتَه ليُدفنَ بالمدينةِ، بلغَ الخبرَ السُّلطانُ الملِكُ النَّاصرُ، فجهَّز الهُجْنَ إلى المدينةِ، وأمرَهم أنْ لا يُمكَّن مِن الدَّفنِ في تربتِه، فدُفِنَ تابوتُه في البقيعِ.

ووجهُ الجمعِ بين القولينِ ظاهرٌ، وهو أنَّه يحتملُ أنَّ السُّلطانَ أرسلَ بالمنعِ، وأميرُ المدينةِ أرسلَ بالاستئذانِ، فتوافَقا، واللهُ أعلمُ. ولعلَّ دفنَه بالبقيعِ كانَ مِن دلائلِ قَبوله، وأقربَ إلى نَيلِ مقصودِه ومأمولِه، وأدلَّ على دَرْكِ مُرادِه وسُؤله من الاقترابِ بعدَ وفاتِه مِن حَرَمِ اللهِ وحَرَمِ رسولِه (٢). توفِّيَ في العامِ المذكورِ شهيداً، وخلَّفَ مِن الأولادِ: تمرتاشَ، ودِمشقَ خواجا، وصرغان شبرا (٣)، ويغبضبطى (٤)، وسلجق شاه،


(١) "الوافي" ١١/ ٢٢١.
(٢) "المغانم" ٣/ ١١٩٥.
(٣) كذا في الأصل، وفي "المغانم" ٣/ ١١٩٥: هرعان شيرا.
(٤) كذا في الأصل، وفي "المغانم" ٣/ ١١٩٥: بعضطى.