للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَلّاَهُ عبدُ الملكِ إمرةَ الحِجَازِ، وسَارَ إلى المدينةِ مِنْ مَكَّةَ، فأقامَ بِهَا ثَلَاثَةَ أشْهرٍ، وتَغَيَّبَ أهلُها مِنه، واستخفَّ فيها بِبَقايا الصَّحَابَة، وخَتَمَ أعْنَاقَهُم وأيدي جماعةٍ بالرَّصَاصِ: كجابرٍ، وأنسٍ، وسهلِ بنِ سعدٍ (١)، ثُمَّ عزَلَهُ عبدُ الملكِ عنْ الحِجَازِ سنةَ خمسٍ وسبعينَ، وأمَّرَهُ على العِراقِ، ففَعلَ أيضاً مِنَ المَناكِيرِ ما يطولُ شرحُه، إلى أنْ أهْلَكَهُ اللهُ - بمدينةِ وَاسِط التي بَنَاهَا (٢) - يومَ الجُمُعةِ، لسبعٍ بَقِينَ مِنْ رَمَضَان، سَنَةَ خمَسٍ وتِسْعينَ، عنْ ثلاثٍ وخمسينَ، وقِيل غيرُ ذلكَ فيهَا، وعُفِي قَبرُه وأُجرِيَ عليهِ الماءُ، وكانَ مرضُهُ الذي مَاتَ بهِ الأكَلَة وقَعَتْ في بطنِهِ، وسلَّطَ اللهُ مَعَهَا عليهِ الزَّمْهَرِير (٣)، ولما بلغَ موتُه الحسنَ البَصْريَّ سَجَد للهِ شُكْراً وقالَ: اللَّهُمَّ إنَّكَ أمَتَّهُ فأمِتْ سُنَّتَهَ. وسُئِلَ إبراهيمُ النَّخَعي عنهُ؟ فقالَ: ألمْ يقلِ اللهُ تعالى: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} (٤).

وروى الترمذيُّ (٥) عَنْ: هِشامِ بنِ حسانَ: أنَّه أُحْصِيَ مَنْ قَتَلَهُم صَبراً، فبَلَغ مئةَ ألفٍ وعشرين ألفاً، وعُرضت السُّجونُ بعده، فوُجِد فيها ثلاثة وثلاثون ألفاً لم يَجِب على أحدٍ منهم قَطْعٌ ولا صَلْبٌ.


(١) "تاريخ الطبري" ٣/ ٥٤٣.
(٢) وَاسِط: مدينة بناها الحجاج بن يوسف سنة ٨٤ هـ وفرغ من بنائها سنة ٨٦ هـ وسمّيت بذلك لأنها متوسطة بين البصرة والكوفة. "معجم البلدان" ٥/ ٣٤٧.
(٣) "المحن" ١/ ٢٤٤، و "المنتظم" ٧/ ٣.
(٤) سورة هود، آية: ١٨.
(٥) كتاب المناقب، باب: مناقب ثقيف وبني حنيفة بعد حديث: "في ثقيف كذاب ومبير" (٣٩٤٤) طبعة الأوقاف الرياض، وقد سقط هذا من بعض طبعات الترمذي.