للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الذَّهبيُّ (١): وسمعوه يقول عند الموت: ربِّ اغفرْ لي؛ فإنَّ النَّاسَ يزعمون أنَّكَ لا تغفرُ لي، قال: وكان شُجاعاً مَهيباً، جبَّاراً عنيداً، مخازيه كثيرةٌ، إلا أنَّه كان عالماً فَصِيحاً، مُفوَّهاً مجُوِّداً للقرآن. انتهى.

وكانتْ ولايتهُ للحجازِ ثلاثَ سنينَ، وللعِرَاقِ عشرَ سِنين، وسيرتُهُ القبيحةُ تحتملُ مجلَّداً، وما أحسنَ قولَ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ: إذا تجَاشَئَتْ الأممُ (٢)، وجاءتْ كلُّ أمةٍ بخَبَثِهَا وجئنَا بالحَجَّاجِ غَلَبنَاهُمْ.

وقد وقعَ في البُخاريِّ (٣) مَا نَصُّهُ: حدثَّنَا مُسَدَّدٌ، حَدثناَ عبدُ الواحدِ، حدثنَا الأعمشُ، سَمِعْتُ الحَجَّاجَ بنَ يوسفَ على المنبرِ يقولُ: السُّورةُ التي تُذكرُ فيها البقرةُ، والسورةُ التي تذكرُ فيها آلُ عمرانَ، قال: فذَكرْتُ ذلكَ لإبراهيمَ فقالَ: حدَّثنِي عبدُ الرَّحمنِ بنُ يزيدَ أنهُ كانَ معَ ابنِ مسعودٍ حينَ رمَى جَمْرَةَ العَقَبَةَ … الحديث.

ولم يقصِدْ البخاريُّ رحمهُ اللهُ التخريجَ للحَجَّاجِ، ولا الاقتداءَ بهِ فيمَا زعمَهُ، بلْ سياقُهُ يُشعِرُ بإرادةِ الردِّ عليهِ، وكَذَا أخرجَهُ مُسلمٌ (٤) وغيرُه، بل وَقَعَ مِنْ كَلَامِهِ في "الكتبِ الستَّةِ"، وفي "مسند أحمد" (٥) أشياء، وفي "الصحيح" (٦) أيضاً عن سَلَّام بن مِسْكِينٍ قال: بَلغنِي أنَّ الحَجَّاجَ قَالَ لأنسٍ: حدِّثْني بأشدِّ عقوبةٍ عَاقَبَ بِهَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -،


(١) "تاريخ الإسلام، للذهبي" ٦/ ٣٢٥، حوادث سنة ٨١ - ١٠٠.
(٢) أي: ثارت لتُخرج أسوأ ما في بطونها. "القاموس": جشأ.
(٣) البخاري، كتاب الحج، باب: يُكبِّر مع كلِّ حَصاة (١٧٥٠).
(٤) كتاب الحج، باب: رمي جمرة حجرة العقبة من بطن الوادي ٢/ ٩٤٢ (٣٠٦).
(٥) "المسند" ٤/ ٣١١، وغيره.
(٦) البخاري، في الطب، باب: الدواء بألبان الإبل (٥٦٨٥).